عنوان الفتوى : حكم من يسب الدين وحكم مجالسته ومعاملته بالحسنى
سب شخص الدين أمامي لشخص آخر بقوله: يلعن دينك، ومرة أخرى قال سببت له مائة دين، ما موقفي من هذا الشخص لأنه خير جدا ويساعد كثيرا؟ وهو لا يعلم حكم الدين في ذلك وكفر من فعله، وفي دار الإفتاء المصرية يقولون إن سب ملة شخص ليس كفرا، فيمكن أن يكون يعلم رأي دار الإفتاء في هذا الأمر، ولذلك يقول هذا الكلام، ورأيته بعد هذا الموقف يذكر الله دائما ويكتب في مواقع التواصل الاجتماعي أدعية، ويقول حافظوا على الصلاة ويقول صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا إذا نصحته سيوبخني على كلامي له وسيقول ليس لك دخل، وأحيانا أدعو له وأظهر له المحبة لأفعاله الخيرة وأنه جيد عندي، هل يعتبر ما أفعل حراما؟ هل أغير معاملتي الحسنة معه ولا أدعو له بأمر دنيوي وأن يطيل الله في عمره أو أن يتزوج؟ وهل إذا جلست بمجلس هو فيه وابتسمت لكلامه هل علي إثم؟ أنا أبغض كلامه الذي فيه إساءة ولكن أوده بسبب أفعاله الخيرة ومساعدته للآخرين وحبه للناس، هل كلامي له بطريقة جيدة وتمني الخير له في الدنيا فقط كفر؟ علما بأني موسوسة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلمنا على لعن الدين بالفتويين التالية أرقامهما: 167817، 144513، وبينا أنه كفر مخرج عن الملة، إلا أن بعض أهل العلم ذكروا أن سب دين المسلم مثل قول (يلعن دينك) ليس كفرا بإطلاق، وفصلوا في ذلك تفصيلا جيدا لعل فيه سعة لمن ابتلي بمثل تلك العبارات مع عدم سوء قصده كما هو حال الشخص المذكور.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن من سب ملة الإسلام أو دين المسلمين يكون كافرا، أما من شتم دين مسلم فقد قال الحنفية كما جاء في جامع الفصولين: ينبغي أن يكفر من شتم دين مسلم، ولكن يمكن التأويل بأن المراد أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام فينبغي أن لا يكفر حينئذ. اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين: بعض لناس يقول للرجل المسلم الله يلعن دينك فهل يكفر بهذا أو لا؟ هذا فيه تفصيل، إن أراد بقوله: الله يلعن دينك الدين الإسلام من حيث هو دين الإسلام فهو كافر؛ لأن هذا من أعظم السب في الإسلام, وإن أراد (الله يلعن دينك) أي الذي أنت عليه, وهذا إنما يُقال غالبًا عندما يضل الرجل بسفه أو غيره أو خُلق, فيقول (الله يلعن دينه) بمعنى: عمله الذي هو عليه المُخالف للدين الإسلامي، فيكون في هذا التفصيل, إن أراد لعن الدين الاسلامي فهو مرتد كافر, وإن أراد لعن ما كان عليه هذا الرجل مما يدعي أنه دين الإسلام وهو مُخالف لدين الإسلام فلا بأس به... (فلا بأس به) يعني أنه لا يكفر, وإلا فيُنهى عن هذه الكلمة مُطلقًا. اهـ
وبناء على ما سبق فنرجو أن لا يكون الشخص المذكور قد كفر بتلفظه بتلك العبارات إذا لم يقصد سب دين الإسلام، ولكنه ـ بلا شك ـ يكون قد أتى منكرا من القول، والواجب نصحه، وإنكار ما صدر منه بقدر المستطاع
فانصحيه ورغبيه ورهبيه, وأطلعيه على خطورة ما صدر منه, ووجوب التوبة منه,
وحثيه على تعويد لسانه على قول الخير والبعد عن مثل هذا الكلام، ولو أمكن أن تعيريه بعض الرسائل والأشرطة المفيدة في هذا الباب ليتأمل فيها وحده, فنرجو أن يكون لذلك أثر عظيم عليه.
وإن كنت لا تستطيعين نصحه ولا الإنكار عليه فلا يجوز أن تجلسي معه في نفس المجلس الذي يصدر منه فيه مثل هذا الكلام؛ لقول الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ.. {النساء:140}.
وأما الدعاء له بما ذكرت أو تمني الخير له أو التبسم من كلامه مما ليس فيه إساءة أو استهزاء بالدين فلا حرج فيه إن شاء الله، وانظري الفتويين التالية أرقامهما: 18298، 244531.
والله أعلم.