عنوان الفتوى : هل يجوز طلب العلم عند من يقترف اللواط؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تعرفت على رجل يتقن اللغة الفرنسية، عرض عليّ مساعدتي مجانًا في تعلم اللغة الفرنسية عندما علم بحبي لتعلم اللغات، وعلمت أنه شاذ جنسيًّا، ولكني أخبرته أني لست شاذًّا على الإطلاق، فقال لي إن الأمر لا يعنيه، وأن عرضه ما زال قائمًا، فما حكم مساعدة هذا الرجل لي؟ علمًا بأن مساعدته المجانية تعتبر مهمة في تعلم اللغة.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت تعني بقولك أنه شاذ جنسيًّا أنه يمارس فعل اللواط، فهذا الصنف من الناس حقه الهجرُ والطرد والإبعاد عن مخالطة الناس في أقل الأحوال إن تعذر قتله شرعًا عن طريق القضاء، لا أن يُمكّن من الاختلاط بهم وتدريسهم، ولا سيما إذا كان ذلك الرجل كافرًا ولم يكن مسلمًا، فإنه يكون حينئذ قد جمع مع جريمة اللواط جريمةَ الكفر بالله تعالى، ولا يؤمن جانبه أن يستدرجك إلى المعصية، حتى ولو كان ما فيه من الشذوذ مجرد ميل للواط فإنه لا يُخَالط، وإذا كان أهل العلم قد ذكروا أن المخنث لا يخالط الرجال، فكيف بمن يفعل الفاحشة أو له ميل إليها -والعياذ بالله-؟! قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: المخنث من الصّبيان وَغَيرهم لَا يُمكّن من معاشرة الرِّجَال. اهـ.

بل نص أهل العلم أن نفي من تُفعلُ فيه الفاحشة من الرجال وإبعاده عنهم أولى من نفي المخنث والأمرد؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى عن نفي المخنث وإخراجه: فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ مِثْلِ هَؤُلَاءِ مِنْ الْبُيُوتِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي يُمَكِّنُ الرِّجَالَ مِنْ نَفْسِهِ، وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِ، وَبِمَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ مَحَاسِنِهِ، وَفِعْلِ الْفَاحِشَةِ الْكُبْرَى بِهِ -شَرٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالنَّفْيِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِخْرَاجِهِ عَنْهُمْ. اهـ.

وَسُئِلَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: عَنْ رَجُلٍ يَتَكَلَّمُ شِبْهَ كَلَامِ النِّسَاءِ؛ وَهُوَ "طنجير" هَلْ يَحِلُّ دُخُولُهُ عَلَى النِّسَاءِ؟ وَمَا الْحُكْمُ فِيهِ؟ فَأَجَابَ: بَلْ مِثْلُ هَذَا يَجِبُ نَفْيُهُ، وَإِخْرَاجُهُ؛ فَلَا يَسْكُنُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَلَا بَيْنَ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى الْمُخَنَّثَ، وَأَمَرَ بِنَفْيِ الْمُخَنَّثِينَ، وَقَالَ: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ} وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ طنجيرًا؛ فَكَيْفَ الطنجير؟! وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا. اهـ. وللفائدة: فالطنجير -بكسر الطاء- في لغة العرب هو الجبان اللئيم.

فلا يجوز لك -أيها السائل- ولا لغيرك من الرجال أن تطلبوا العلم عنده، والبعد عن هذا الصنف وعدم مخالطته لا يلزم منه عدم نصحه، بل ينصح ويذكر بالله تعالى، لا سيما إذا كان مسلمًا، فإن حق النصيحة له أوكد.

والله تعالى أعلم.