الانتخابات المغربية - حسن الخليفة عثمان
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
بقدر عظمة وأهمية الشعوب والدول أو الممالك بقدر ما تحظى من اهتمام وتوجه للأنظار نحوها ونحو ما يدور بها من أحداث ومتغيرات من شأنها أن تؤثر في مسيرتها وصناعة استقرارها وازدهارها.
في الرابع من سبتمبر القادم تجري بالمملكة المغربية الشقيقة الانتخابات المحلية أو (البلديات)، والجهوية أو (المحافظات) والتي تأتي في أجواء إقليمية ودولية جعلتها تحظى من المتابعة والترقب ما حظيت به سابقتها التركية لدوافع قد تتشابه كثيرًا في كلياتها وإن اختلفت قليلاً في جزئياتها؛ ذلك أنها تأتي في سياق الصراع الإقليمي القائم لإنهاء الوجود السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وأذرعها السياسية من الأحزاب التي وصلت إلى سُدة الحكم عبر الإرادة الشعبية وصناديق الاقتراع.
كما إن هذه الانتخابات تكتسب أهمية أخرى كونها المقدمة وربما المؤشر المؤثر على الانتخابات التشريعية القادمة التي ستجري في 2016.
من نافلة القول أن نذكّر أننا هنا لسنا بصدد الانحياز إلى فريق أو فصيل سياسي مغربي بعينه ضد آخر؛ وإنما نحن منحازون كل الانحياز للمغرب ولاستقرار وازدهار المغرب، بل ويحدونا الأمل في أن نرى نجاح الاستثناء المغربي ونموذجه العربي الفريد والذي كان محط أنظار وفخار الكثير من الأمة العربية والإسلامية.
إن فشل الفرع الإخواني المصري لم تقتصر آثاره وتداعياته على مقر وجوده وقطره المصري؛ بل أصبح إسقاط جميع الأفرع الإخوانية الأخرى جزءًا لا يتجزأ من حرب مجنونة يقودها الذين يعتبرون أن بقاءهم وأمانهم بات رهنًا بالاستئصال الكامل لكيان هذه الجماعة ووجودها السياسي بل والإنساني!!
كما يمكنك في ذات الوقت أن تعتبر أن كلمة (فشل) هذه أو النطق بها وتوجيهها لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة بمصر أصبح مجرّمًا عند جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وأنها كلمة من مفردات (المرجفين المثبطين) الذين لو خرجوا فيهم ما زادوهم إلا خبالًا ولأوضعوا خلالهم يبغونهم الفتنة ، وأن الأقلام التي يصدر عنها مثل هذا الهراء يجب أن تقصف وتوضع لها وعنها لافتات تحذير في المحافل والمنابر لا سيما الدولية منها.
إزاء ما تمر به الأمة الإسلامية من أحداث جسام وتسلط لأعدائها عليها لا ينبغي بحال من الأحوال أن نغفل أو نتغافل عن الفوارق الجوهرية بين مكونات الكيان الإخواني بما يجعلنا نحيف عن الجادة أو نعمم في الأحكام تعميمًا مخلًا بأبسط قواعد الموضوعية؛ فننظر إلى السياسي التركي أو اليمني أو التونسي أو المغربي ذي الخلفية الفكرية الإخوانية على أنهم جميعًا سواء يجب أن يلاقوا ما لاقاه نظراءهم وأنصارهم في مصر على يد الانقلاب العسكري.
إن المملكة المغربية؛ شعبًا وملكًا وحكومةً ومعارضة وأحزابًا استطاعت أن توجد لنفسها ربيعًا مغربيًا خاصًا بها، يليق بعظمة المغاربة وتراثهم العريق، ويلبي كثيرًا من أشواقهم نحو تغيير داخلي لمستقبل منشود في ظل الحفاظ على ثوابت المجتمع المغربي وحرمة دمائه ومقدراته وصيانة لحمته الوطنية من التفكك بنيران الفوضى التي ترعاها الأيدي الخارجية العابثة، التي تغدق الأموال بسخاء لإشعال الحروب الأهلية داخل الأوطان بين مكونات الشعب الواحد بما يحقق لها مخططاتها ومؤامراتها الخبيثة.
ما وقع من بعض حوادث العنف الانتخابي المفتعلة التي سبقت هذه الانتخابات بقصد إضفاء أجواء لا علاقة لها بأخلاقيات أو تقاليد الشعب المغربي إنما هي زوابع في فنجان، في تقديرنا لن تنال من مسيرة المغاربة شيئًا.
نأمل أن يمر الرابع من سبتمبر/أيلول القادم وقد سطّر المغاربة صفحة جديدة مضيئة من صفحاتهم التي تنتصر فيها إرادتهم وقيمهم التي يستمدونها من مجدهم الحضاري التليد.