عنوان الفتوى : صفة الضحك الذي يبطل الصلاة
إلى الآن لم أتوصل إلى ما أريد، فأنا لم أفهم معنى: بان منه حرفان أو أكثر ـ وأنا وصفت لكم ما كان يحدث مني، ولم أفهم كيفية القضاء، فهل أعيد صلاة ثلاثة أيام كاملة لأكون قد قضيت تلك الصلوات الثلاث يقينا؟ وماذا عن الصلاة التي صدر ذلك مني فيها، فبمجرد أن انتبهت على أنني في صلاة أوقفت ذلك، وهذا الصوت الذي كان يصدر مني لم يكن بصوت عال، فكان كأنني أوشوش على شخص، حيث كنت في السجود وكان الصوت منخفضا؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 164197، أن الضحك مبطل للصلاة إذا بان منه حرفان فأكثر، أو كان قهقهة ولو لم يبن حرفان.
ومعنى: بان منه حرفان ـ أي نطق بحرفين من حروف الهجاء ـ كحرفي الهاء والألف اللينة مثلا ـ وإذا شككت هل بان منك حرفان أم لا؟ فالأصل صحة الصلاة لا بطلانها، ولا تطالبين بشيء، لا سيما في حق المصاب بالوسوسة، فإذا تيقنت أنه بان منك حرفان، فالواجب قضاء الصلاة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الصوت عاليا أو منخفضا، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 18560.
فإن كانت صلاة من يوم واحد وعلمت الصلاة بعينها ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء قضيتها، وإن نسيت عين الصلاة التي بطلت فإنك تقضي خمس صلوات، فقد ذكر الفقهاء أنه يجب على من نسي صلاة وجهل عينها أن يصلي خمس صلوات بدءاً من الظهر وانتهاء بالفجر، إذ لا تبرأ ذمته إلا بذلك، قال خليل في مختصره في الفقه المالكي: وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ مُطْلَقًا صَلَّى خَمْسًا، وَإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ.. اهــ.
قال الخرشي في شرحه: يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، سَوَاءٌ فَاتَتْهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لَا يَدْرِي مَا هِيَ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إذْ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ إلَّا بِهَا، إذْ هُوَ مَطْلُوبٌ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَنْسِيَّةُ أَوْ الْمَتْرُوكَةُ، فَصَارَ عَدَدُ حَالَاتِ الشَّكِّ خَمْسًا، فَوَجَبَ اسْتِيفَاؤُهَا، وَيَجْزِمُ النِّيَّةَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ بِأَنَّهَا هِيَ، فَلَا يُقَالُ النِّيَّةُ مُتَرَدِّدَةٌ، هَذَا إذَا كَانَ الْجَهْلُ لِلْفَائِتَةِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ صَلَّى ثَلَاثًا، أَوْ لَيْلِيَّةً صَلَّى اثْنَتَيْنِ، فَإِنْ عَلِمَ الْفَائِتَةَ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا إلَّا أَنَّهُ جَهِلَ يَوْمَهَا فَلَمْ يَعْلَمْ أَهُوَ السَّبْتُ أَوْ الْأَحَدُ أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ، وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ يَوْمِهَا مَجْهُولًا، إذْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ بِحَسَبِ عَدَدِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ الصَّلَاةُ الْمُعَيَّنَةُ بِاخْتِلَافِ الْأَيَّامِ، فَإِذَا نَوَى بِهَا يَوْمَهَا الَّذِي تُرِكَتْ فِيهِ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، إذْ لَوْ كَرَّرَهَا لَا يُحِيلُ فِي نِيَّتِهِ إلَّا عَلَى يَوْمٍ مَجْهُولٍ، فَإِذَا كَانَ لَابُدَّ مِنْ الْإِحَالَةِ عَلَى مَجْهُولٍ، فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّكْرَارِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ ـ أَيْ: صَلَّاهَا نَاوِيًا بِهَا الْيَوْمَ الَّذِي يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا لَهُ، وَإِلَّا فَالْيَوْمُ الْمَجْهُولُ لَا يُنْوَى. اهـ.
وراجعي الفتوى رقم: 173779.
والله أعلم.