عنوان الفتوى : أحكام شراء أسهم الشركات العالمية وتدوالها

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

لقد قرأت كثيرًا عن الحكم الشرعي لتجارة الفوركس عن طريق الوسيط، وبعد أن ارتاحت نفسي لفضيلة الشيخ الدكتور/ علي محيي الدين نتيجة إفتائه عن علم تام بالموضوع، رأيت أن أستفتيكم عن طريقتي في تجنب محاذير تجارة الفوركس: أولًا: لتجنب التعامل بالمارجن أو الهامش فإنني أتاجر بما أملك من رصيد، وذلك بضبط مقياس الرافعة المالية على 1:1 أي لا وجود لرافعة مالية على الإطلاق. ثانيًا: ولتجنب فوائد تبييت الصفقات، فإن حسابي هو حساب إسلامي في الشركة أي لا وجود لفوائد إطلاقًا مهما طالت مدة تبييت الصفقة. ثالثًا: ولتجنب بيع ما لا أملك (حيث إن هناك العديد من أزواج العملات، والتي قد لا تمتّ بصلة لنوع عملة الرصيد)، فإنني إذا أردت أن أبيع زوج اليورو دولار (بمعنى آخر: أردت شراء الدولار)، فإنني أفتح حسابًا آخر تكون عملته اليورو بمراعاة تجنب ما ذُكر في النقطتين السابقتين، ثم أبيع اليورو دولار، أي: أشتري الدولار بما أملك من مبلغ اليورو. رابعًا: تجنبت التعامل في المعادن والسلع تمامًا. فإنني -حفظكم الله- أريد أن تعطوني رأيكم بهذه الطريقة في التعامل، وهل هناك محاذير أخرى؟ طبعًا بعد علمي أن التقابض حكمي في المجلس (أي: يسجل في الحساب بعد إغلاق الصفقة)، وإن أردت سحب المبلغ يسحب مباشرة، ويودع في حسابي، مع مراعاة تأخر الحوالة النقدية ليومي عمل، وهذا ما تأخذه أي حوالة أخرى في أي مجال آخر من مدة للوصول إلى الحساب. ثانيًا: أريد أن أسأل في ما إذا تعاملت وبنفس الطريقة السابقة تمامًا في سوق الأسهم؛ مثل: أسهم شركة تويوتا، أو فورد للسيارات، أو أبل، أو مايكروسوفت للكمبيوتر والهواتف، وما شابهها، وبنفس الطريقة السابقة (أي: بلا رافعة مالية إطلاقًا، وبمراعاة عدم بيع السهم هنا، أي التركيز فقط على شرائه لتجنب الوقوع في بيع ما لا أملك). في النهاية أرجو قبول اعتذاري عن إطالة الرسالة، ورجائي الشديد بالرد على رسالتي بالسرعة الممكنة.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيُشكر لك هذا الحرص على  تحري الحلال، والحذر من الوقوع في الحرام، وهذا هو شأن المسلم الحريص على دينه؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا إني بما تعملون عليم)، وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم). ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء؛ يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!

وفي الحديث الثاني يقول صلى الله عليه وسلم: "إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله وأجملوا في الطلب". وهو في الحلية لأبي نعيم عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، وعزاه ابن حجر لابن أبي الدنيا، وذكر أن الحاكم صححه من طريق ابن مسعود.

فاستقم كما أمرت، ولا يحملنك استبطاء الرزق أو طلب التكثر منه على اكتسابه بمعصية الله تعالى.

وأما ما سألت عنه؛ فجوابه: أنه لا حرج عليك في المعاملة المذكورة وفق تلك الضوابط، وتأخر الحوالة النقدية للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، لا حرج فيه؛ جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410 الموافق 14 – 20 آذار (مارس) 1990م:

من صور القبض الحكمي: إذا أودع في حساب العميل مبلغًا من المال مباشرة، أو بحوالة مصرفية، ويغتفر تأخر القيد المصرفي بالصور التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة، إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي. انتهى.

وأما شراء أسهم الشركات العالمية وتدوالها من خلال ذلك النظام وفق تلك الضوابط: فلا حرج فيه أيضًا شريطة أن يكون النشاط الذي تزاوله الشركة نشاطًا مباحًا، وألا تكون الشركة تودع أموال المساهمين أو بعضها في البنوك الربوية لأخذ الفائدة وإضافتها إلى أرباح المساهمة، ضمانًا لعدم الخسارة.

وقد وُجِّه سؤال لهيئة الفتوى في بيت التمويل الكويتي جاء فيه: هل يجوز بيع وشراء أسهم الشركات الأجنبية (مثل: جنرال موتورز، فليبس، شركات مرسيدس)؟ مع العلم أن هذه الشركات صناعية، ولكنها لا تتورع بالنسبة للإقراض والاقتراض بفائدة؟

الجواب: إن مبدأ المشاركة في أسهم شركات صناعية تجارية أو زراعية مبدأ مُسَلَّم به شرعًا؛ لأنه خاضع للربح والخسارة، وهو من قبيل المضاربة المشتركة التي أيدها الشارع على شرط أن تكون هذه الشركات بعيدة عن المعاملة الربوية أخذًا وعطاءً، ويُفهم من استفتاء سيادتكم أنه ملحوظ عند الإسهام أن هذه الشركات تتعامل بالربا أخذًا وعطاءً، وعلى هذا؛ فإن المساهمة فيها تعتبر مساهمة في عمل ربوي، وهو ما نهى عنه الشارع. والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

وننبهك إلى أن للشيخ/ محيي الدين القره داغي موقعًا باسمه يمكن التواصل معه من خلاله.

وفقنا الله وإياك لكل خير، وعصمنا من كل شر.

والله أعلم.