عنوان الفتوى : كيف يتصرف من اشترى أسهما ويخشى أن يكون قد تعامل بالربا
أنا مصري مقيم في السعودية، نويت منذ فترة شراء قطعة أرض، ولم يكن معي كامل المبلغ، فقمت بأخذ أسهم من بنك الراجحي، بنظام المرابحة، على أن أسدد ثمنها على أقساط، بالإضافة إلى ربح البنك، وقد اتصلت بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وأفتوني بصحة المعاملة، ولكن قال لي الشيخ: هل تضمن أن تعيش حتى تسدد كامل المبلغ؟ لقد احتفظت بالأسهم لفترة حتى ارتفع سعرها، ثم بعتها، ولكن تعثر شراء الأرض، وتم تأجيله، فاشتريت بها أسهما مرة أخرى (وأنا أحرص على أن أشتري الأسهم النقية، البعيدة عن أي شبهة قدر المستطاع) ولكن عند سماعي، أو قراءتي لآيات الربا في القرآن، أشعر بالخوف الشديد والتوتر، وأخشى أن تكون في هذه الأموال شبهة، وقد اختلطت بأموالي؛ مما دفعني إلى أن بدأت في إعادتها للبنك مرة أخرى، ولا أعلم هل هذا وسواس، أم إنها طريق للنجاة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحذرك من الربا، وخشيتك من الوقوع في الحرام، مما يحمد لك، لكن لا ينبغي أن يصل إلى حد الوسوسة، أو التكلف، فيضرك، أو يفسد عليك معيشتك.
والمعاملات المشروعة، لا حرج في الإقدام عليها، والانتفاع بما يكسبه المرء منها، والاستدانة للحاجة، لمن ينوي القضاء ويعزم عليه، لا حرج فيها، ومن ذلك الاستثمار المشروع للتكسب، وراجع في ذلك، الفتاوى التالية أرقامها: 272740، 64409، 181939.
وما ورد من التنفير من الدين - سواء من قرض أو غيره- إنما هو في حق من يتعمد الخيانة فيه، ويريد به أكل أموال الناس بالباطل، أو تساهل فيه، فأخذه لغير حاجة حتى عجز عنه، فكانت الشريعة بذلك حكيمة، عادلة تحث الناس على المواساة وقضاء الحاجات، وبذل القرض، وفي المقابل تحذر من التساهل في أخذ أموال الناس، أو أخذها بنية سيئة. وعلى هذا، فلا يلزمك تعجيل سداد الدين إلى البنك، لكن لو فعلته تريد إبراء ذمتك، فلا حرج عليك.
ولو تركت فيما تستقبل ما اشتبه عليك أمره؛ لخلاف العلماء فيه، فذلك أولى، وأورع، وأبرأ للذمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه، وعرضه. متفق عليه. وقد سأل وابصة النبي صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال: استفت نفسك، استفت قلبك يا وابصة، ثلاثاً، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس، وأفتوك. أخرجه الدارمي وأحمد والطبراني، وحسنه النووي.
والله أعلم.