عنوان الفتوى : فاقد الأهلية لا يصح توكيله
اعتاد شقيق أبي المقتدر ماليا على مساعدة أبي بمبلغ مالى شهريا وأوصى أبناءه بأن يستمروا فى ذلك حتى بعد وفاته، وكنا نعتمد على هذا المبلغ بشكل كبير خاصة أن أبي مريض بالقلب ويحتاج إلى العلاج وكذلك نفقات البيت كثيرة، وقد أصيب شقيق أبي بمرض بالمخ ولم يعد يدري بما حوله فاستمرت زوجته وأبناؤه في دفع هذا المبلغ لفترة ثم انقطعوا ثم عادوا إلى الدفع مرة أخرى مع تخفيضه إلى النصف مما أثر علينا كثيراً مع غلاء المعيشة، وأنا فتاة أعمل بمرتب مرتفع ولكنه يتضاءل أمام مساعدتي لأبي ونفقاتي الشخصية وأريد أن أدخر بعض المال ليعينني على الزواج حين يأتي، حيث لم يدخر لي أبي أي شيء سامحه الله، وكان مبذرا حين كان يمتلك المال، فهل لي حجة على زوجة عمي وأبنائه فيما يفعلونه من منع لما أوصى به عمي، علما بأنهم أغنياء ويمتلكون الكثير ويتحججون بتدهور حالة الأسواق؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أولاً أن الأب إذا ادخر لأبنائه مالاً ليزوجهم فهو أمر حسن، فإن لم يفعل فلا يلام أبداً لأن ذلك ليس واجباً عليه، وفي جميع الأحوال يجب على أبنائه أن يبروه ويوقروه، فليس من اللائق أن تتحدثي عن أبيك بهذا الأسلوب الذي جاء في السؤال، ولا يجب على زوجة عمك ولا أبناء عمك أن يعطوا لأبيك مثل ما كان يعطيه أبوهم ولا أقل منه لكون أبيهم أصبح مريضاً مرضاً شديداً مظنة الموت، ومثله لا تصح هبته ولا يصح توكيله لكونه أصبح فاقد الأهلية، قال الخرشي في شرح مختصر خليل في شرحه لقول خليل: وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به. قال: والمعنى أنه يجب الحجر على مريض نزل به مرض حكم أهل الطب أنه يكثر الموت من مثله. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو يبين ما تبطل به الوكالة قال: ومنها عجز الموكل والحجر عليه. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ومتى خرج أحدهما عن كونه من أهل التصرف، مثل أن يحجر عليه لسفه فحكمه حكم الموت، مثل أن يجن أو يحجر عليه لسفه، لأنه لا يملك التصرف، فلا يملكه غيره من جهته. انتهى.
والحاصل أن توكيل عمك لزوجته أو لأبنائه بصرف ذلك الراتب الشهري باستمرار لأبيك قد بطل بهذا المرض الشديد الذي أصابه مما أدى إلى فقدانه لأهليته.
وعليه فلا يجب عليهم إنفاذ ما وكلهم به أو أوصاهم ما دام حياً، وذلك لبطلان الوكالة بالمرض كما سبق، ولأن الوصية لا تستحق إلا بعد موت الموصي ، لكن إذا مات هذا الرجل فلكم أن تطالبوا بحقكم في الوصية لأن ما صدر منه يعتبر وصية، فتخرج لكم من ثلث ماله.
والله أعلم.