عنوان الفتوى : علاج وسواس المحبة الشركية

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

مشكلتي هي مع شرك المحبة: فمنذ أن قرأت في موقعكم عن شرك المحبة، وأنا في حيرة، فلقد قرأت أن كمال المحبة مع كمال الذل والخضوع أنه شرك أكبر مخرج عن الملة، ومن جهة أخرى قرأت أنه لا يمكن للمسلم الخروج عن ملة الإسلام إلا إذا أتى بقول أو فعل أو اعتقاد مخرج عن الملة أو عزم على الكفر في المستقبل، وأنا لم أفعل ولم أقل ولم أعتقد شيئاً يخرج عن الملة، ولم أعزم على الكفر في المستقبل، لكنني مخطوبة وأتحدث مع خطيبي على الهاتف والفيديو ولا أدري، فأنا لم أكن أخضع له، بل كنا نتشاجر أحياناً، وفي هذه الأيام أشعر أنني أعظمه لدرجة أنني أشعر أنه لو أمرني بالكفر لكفرت ـ أستغفر الله ـ أردت أن أتكلم معه وأصارحه أن علاقتي معه أصبحت تؤثر على علاقتي مع ربي، وتبعدني بشكل كبير، فخفت أن يغضب ويغار. فهل بهذا جعلته نداً لله؟ وهل أنا مشركة أم على ملة الإسلام؟ وهل يخرج المسلم عن الملة إلا إذا أتى بقول أو فعل أو اعتقاد مخرج عن الملة أو عزم على الكفر أو الشرك في المستقبل؟ أم بحب هكذا يخرج عن الملة؟ وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن الجلي أن سؤالك نابع من الوسوسة في شأن الكفر، وهذا ما يظهر أيضا من النظر في أسئلتك السابقة، فإذا أردت أن يطمئن قلبك وتسكن نفسك، فعليك بالإعراض عن هذه الوساوس جملة، وعدم الالتفات إليها، والكف عن الاسترسال معها، ومجرد محبة المسلم لمخلوق محبة تؤدي إلى معصية الله لا يستلزم الكفر، فتقديم محبة غير الله على محبة الله ليس كفرا في كل حال، قال ابن تيمية: فإن المسلم المستحق للثواب لابد أن يكون مصدقاً، وإلا كان منافقاً، لكن ليس كل من صدق قام بقلبه من الأحوال الإيمانية الواجبة مثل كمال محبة الله ورسوله، ومثل خشية الله والإخلاص له في الأعمال والتوكل عليه، بل يكون الرجل مصدقاً بما جاء به الرسول، وهو مع ذلك يرائي بأعماله، ويكون أهله وماله أحب إليه من الله ورسوله والجهاد في سبيله، وقد خوطب بهذا المؤمنون في آخر الأمر في سورة براءة فقيل لهم: إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {التوبة: 24} ومعلوم أن كثيراً من المسلمين أو أكثرهم بهذه الصفة، وقد ثبت أنه لا يكون الرجل مؤمناً حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وإنما المؤمن من لم يَرْتَبْ، وجاهد بماله ونفسه في سبيل الله، فمن لم تقم بقلبه الأحوال الواجبة في الإيمان، فهو الذي نفى عنه الرسول الإيمان وإن كان معه التصديق، والتصديق من الإيمان، ولابد أن يكون مع التصديق شيء من حب الله وخشية الله، وإلا فالتصديق الذي لا يكون معه شيء من ذلك ليس إيماناً البتة، بل هو كتصديق فرعون واليهود وإبليس. اهـ.

ومع هذا فالعشق والتعلق بالمخلوق باب فساد عظيم، وقد يبلغ بالمرء إلى مرتبة الشرك، ولمعرفة ضابط المحبة الشركية راجعي الفتويين رقم: 96693، ورقم 178167.

واعلمي أن الخاطب أجنبي عن المخطوبة، يعامل كما يعامل سائر الرجال الأجانب، فالحديث مع الخاطب دون حاجة منكر، ومن باب أولى التحدث معه بالفيديو، فيجب عليك الكف عنه، وانظري الفتوى رقم: 114427.

وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 12800، ورقم: 70476.

والله أعلم.