عنوان الفتوى : حقيقة المحبة الشركية والفرق بينها وبين المحبة الطبيعية
أنا واقعة في مشكلة كبيرة لم أجد لها حلا، و الله أنا في حزن شديد و حيرة. لقد قرأت مؤخرا عن شرك المحبة الذي لم أكن أعرفه أبدا، فوجدت أن من يحب شخصا كحبه لله فقد أشرك شرك محبة، فسألت نفسي هل أحب الله أكثر من أي شيء؟ فوجدت أن حبي لله ليس كافيا. أنا لا أستطيع أن أقول ذلك و أتمزق من الداخل لكن وجدت أنني أحب أمي و زوجي أكثر من حبي لله. أستغفر الله يعني حبي لزوجي و أمي ليس فوق الحدود لكن حب معقول كما يحب أي شخص، لكن أعتقد أنه أكبر من حيث الكمية من حبي لله. ماذا أفعل هذا ما أحسه فعلا لا أعرف لماذا؟؟؟ لماذا لا أحب الله أكثر من أي شيّء؟؟؟؟ أنا لا أستطيع أن أتحكم في مشاعري هل أنا كافرة؟؟؟ أنا لن أقدم طاعة أمي و زوجي على طاعة ربي و كذلك لن أعصي الله لإرضاء من أحب لكنني أحس بذلك. هل يحاسبني الله على إحساسي؟ و إذا كان الحب من الله لماذا يحاسبنا عليه؟ هل كل شخص متأكد أنه يحب الله أكثر؟ لماذا يحاسبنا الله على ما نشعر به مع أن القلوب بيد الله و المشاعر و كيف أتوب من هذا الشعور ماذا أفعل؟ هل كل شخص يحس هكذا كافر؟أرجوكم أجيبوني في أسرع وقت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحبة الشركية المذمومة هي التي يسوي فيها المحِبٌ بين محبته لله، ومحبته للند الذي اتخذه من دون الله، بحيث يبلغ كمال الحب، مع كمال الخضوع لغير الله سبحانه وتعالى، فمن أحب غير الله محبة عبودية أي محبة تستلزم كمال الذل وكمال الخضوع فقد أشرك مع الله غيره. فقد قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .. {البقرة، 165}.
وأخبر سبحانه عن أهل النار أنهم يقولون يوم القيامة: تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء:97ـ 98}.
وليس من المحبة الشركية المحبة الطبيعية -أي التي جُبل عليها الإنسان بطبعه- كمحبته للأبناء وللزوجة، وما شابه ذلك من أنواع المحاب.
فمحبة المرأة لزوجها وأهلها لا يذم عليها، بل يمدح ويحمد، فعن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم: بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب.. فعدَّ رجالاً. متفق عليه.
وهذا النوع من الحب قربة وطاعة .
وأما هذه الأفكار فإنه لا حساب فيها، فإن الله تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم، وننصحك بدفع هذا الوسواس عن نفسك، والتلهي عنه والاشتغال بذكر الله والدعاء والإقبال على ما ينفعك في دينك ودنياك، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ { النمل: 62}.
وقال تعالى:الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ { الرعد: 28}.
ومما يندفع به الوسواس الاستغفار، فعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ {البقرة: 268}. رواه الترمذي.
وقد سبق بيان الأسباب الجالبة والموجبة لمحبة الله في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 111261 ، 27513 ، 71891.
والله أعلم.