عنوان الفتوى : حوار بين أم وطفلها حول الجنة ونعيمها ودخولها.. الصواب والخطأ
هل يصح قول هذا الكلام للأطفال: 1- متى سنموت؟ كل واحد منا، له بيت يبنى في الجنة، وكلما فعلت أشياء صالحة، بيتك يكبر، يكون فيه كل شيء جميل، وعندما ينتهي بيتنا نموت؛ لكي نذهب ونعيش فيه (ومن هنا الحمد لله لم يعد يخاف من سيرة الموت) -2 طيب، كيف سأذهب لبيتي في الجنة؟ ربنا سبحانه وتعالى، يقول لملاك جميل، قوي، لونه أبيض وجميل: بيت ( فلان ) انتهى، فالملاك الجميل يأتي، ويذهب به إلى بيته. 3- طيب، الملاك يأخذنا متى، وكيف؟ نكون نائمين، فيأخذنا على جناحه الأبيض الجميل ؛ لأنه هو الذي يعرف مكان البيت؟ 4-طيب، أريد أن أذهب إلى بيتي الذي في الجنة؟ لا يصح أن نذهب وحدنا، ربنا هو الذي يفعل ذلك، لكن افعل أنت أشياء جميلة، كثيرة، وسينتهي بيتك بسرعة. 5- طيب، أريد أن آخذ لعبتي معي. هل يصح ذلك؟ صل، وأنت ساجد، اطلب من ربنا أن يضع لك اللعبة، أو أي شيء تحبه في بيتك ( طبعا، أصبح يطلب ألعابا خرافية، وشجرة مانجو، وعنب وتمر، ونهر آيس كريم، وأشياء كثيرة) ولما توفيت بنت أخي، التي في مثل سنه، رآني أبكي عليها، قال لي: لماذا تبكي، لقد ذهبت إلى بيتها الجميل، ومع ربنا، ولا أحد يضايقها، وربنا يفعل لها كل شيء جميل، وحزن جدا لأنها ذهبت إلى بيتها قبله. 6-ربنا ما شكله ؟ ليس كمثله شيء، ومن يذهب إلى الجنة سيعرف، ويرى ربنا ( طبعا، ينتظرون الذهاب إلى الجنة، لكي يعرفوا ) 7- أنت يا أمي تعرفين ما نفعل، إذا كنا خارج البيت؟ أكيد لا، لكن ربنا يراكم، ويسمعكم في كل مكان؛ فمن اللازم أن لا نغضب الله أبدا، ونعمل كل شيء أمرنا به.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقنا جميعا لتربية أطفالنا على ما يرضيه، وقد تضمن كلامك صوابا وخطأ، وأكثر الخطأ من باب القول على الله بغير علم، وهو من المحرمات، وانظري الفتوى رقم: 259822؛ فلا يسوغ التقول على الله، ولو بقصد توجيه الأطفال.
فمن الصواب في كلامك الجواب السادس، والسابع.
ومن الخطأ عبارة: "ولما البيت يخلص نذهب لنعيش فيه" فهذه قضية غيبية، لا ينبغي التوسع في الخوض فيها إلا بالنصوص، ولكن يمكن أن نقول: من كان مؤمنا يعمل الصالحات؛ فإن الموت بالنسبة إليه يعني أنه سيدخل إلى نعيم الجنة بإذن ربه، ويمكن أن تصِفي له بعض نعيم الجنة.
وكذلك بخصوص كيفية الذهاب إلى بيت الجنة، فهو خطأ، بل قد يكون من القول على الله بلا علم، ويمكن أن يكون الجواب: من كان صالحا، ويطيع الله، عرفه الله بيته -ونقل عن بعض السلف أن ملكا يقود المؤمن إلى بيته، لا أنه يجلسه على جناحه-؛ قال تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 6].
قال ابن كثير: قال مجاهد: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم الله لهم منها، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا، لا يستدلون عليها أحدا.... وقال محمد بن كعب: يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنة، كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة. وقال مقاتل بن حيان: بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا، يمشي بين يديه في الجنة، ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له، فيعرفه كل شيء أعطاه الله في الجنة، فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة، دخل إلى منزله وأزواجه، وانصرف الملك عنه. ذكرهن ابن أبي حاتم، رحمه الله. وقد ورد الحديث الصحيح بذلك أيضا، رواه البخاري من حديث قتادة، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خلص المؤمنون من النار، حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار، يتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا، ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة، والذي نفسي بيده، إن أحدهم بمنزله في الجنة، أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا" .انتهى.
والحديث ظاهر في أن المؤمن يلهم مكان بيته.
وكذلك الجواب عن إرادة الذهاب إلى البيت؛ فالجواب جيد، لكن الشق الأخير خطأ، وصوابه: اعمل أشياء صالحة يكن بيتك أجمل، وأحسن -لا أن ذلك أسرع للذهاب للبيت- وأما أخذ اللعب؛ فيقال له: لك في الجنة ما تشتهي، وانظري الفتوى رقم: 216193. ومن الحسن أن يقال له: ادع الله...
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 175975، وتوابعها.
والله أعلم