عنوان الفتوى : كيفية التحلل من استخدام المواد المنسوخة دون إذن أصحابها
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الشامل والمفيد وجعله في ميزان حسناتكم، وسؤالي هو: لو قمت بتحميل لعبة دون إذن أصحابها وهي ليست مجانا، بل بمقابل مالي، ثم أردت أن أتحلل منهم، فكيف يكون التحلل؟ ولو أردت شراءها وفيها بعض الأمور الكفرية، فهل يكون شراؤها دعما لهم لصناعة المزيد منها؟ أم أشتريها؟ أم ماذا أفعل لأتحلل منهم؟ كما أريدكم أن تعطوني ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون وقوع الشخص في حرج، فهل إذا سمعت شخصين لا أعرفهما يسبان أحدا علي أن أنصحهما؟ وأنتم تعلمون أن المنكرات لا تكاد تخلو منها منطقة في هذا الزمن؟. وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على إبراء ذمتك، وبخصوص هذه القضية: فالذي نفتي به هو: أن من استخدم مواد مباحة ـ من الألعاب وغيرها ـ منسوخة بغير إذن فيجب عليه التحلل من أصحاب الحقوق بطلب العفو والسماح منهم، أو مصالحتهم عما لحقهم من ضرر من جراء ذلك، والمرجع في تقدير الضرر وقيمة التعويض الواجب هو إلى أصحاب الخبرة، جاء في فتوى دار الإفتاء المصرية في الكلام عن العقوبة المترتبة على انتهاك حقوق الملكية: الأصل أنها من باب ضمان المتلفات، وتقدير الضرر الواقع على أصحاب العلامات التجارية، وهذا الضرر يحكم به القاضي، تبعا لتقدير الخبراء في كل واقعة بحسبها. اهـ.
وأما شراء النسخة الأصلية: فالظاهر أنه ليس تعويضا عن استعمال النسخة غير الأصلية، لأن الحق المترتب على التعدي قد ثبت باستعماله النسخة غير الأصلية، وتملكه النسخة الأصلية بعد ذلك بشراء لا أثر له على ما عمرت به الذمة من قبل، وراجع الفتويين رقم: 46194، ورقم: 245392.
وأما الألعاب المحرمة ـ كالتي فيها أمور كفرية ـ فلا يشرع تعويض أصحابها، فالمنفعة المحرمة ليست لها قيمة في الشرع، جاء في نهاية المحتاج: والأصنام والصلبان وآلات الملاهي كطنبور، ومثلها الأواني المحرمة لا يجب في إبطالها شيء، لأن منفعتها محرمة والمحرم لا يقابل بشيء. اهـ.
لكن إن كنت تقصد أن اللعبة التي استخدمتها مباحة لكن الشركة تنتج ألعابا أخرى فيها محرمات وأمور كفرية: فهذا لا يعفي من وجوب التحلل، ولا يعد تعويضها عن استخدام اللعبة المباحة في هذه الحالة إعانة لها على ما تنتجه من محرمات، فإن التعامل فيما يباح مع من له تعاملات محرمة لا يعد إعانة له على باطله بإطلاق، فلم يزل المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم يتعاملون مع الكفار من مشركين ويهود وغيرهم بالبيع والشراء، مع أن أولئك لا يتورعون عن المعاملات المحرمة من الربا وغيره، وراجع في هذا الفتويين رقم: 180471، ورقم: 185981.
فلا يحرم على الشخص شراء لعبة مباحة من شركة لها ألعاب أخرى فيها محرمات، ولا إثم عليه فيما تصنعه تلك الشركة من محرمات.
وأما ضوابط الأمر بالمعروف وآدابه: فقد تكلمنا عنها في فتاوى عدة، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 9358 197249، 124424، 13288.
والله أعلم.