عنوان الفتوى : توضيح حول حكم الكحول المستخدمة في العطور
أخجل من سؤالكم، لكن سؤالي ضروري؛ لكون الأمر مخجل قليلا، وأخاف أن يكرهني زوجي! فأنا أحب ربنا، لكن زوجي وأنا نحب الطيب، وكذلك أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب التطيب، وأن تطيب الزوجة أمام زوجها وتطييب البيت بالعطور، لكن حينما علمت أقوال الأئمة بنجاسة الخمر انقلبت حياتي وتدمرت، فتخليت عن العطور الكحولية من الماركات الفواحة، وأخذت العطور الزيتية الطبيعية، وزوجي غضب مني فأخبرته بأن جسدي حساس من الكحول "إيثانول" وهذا كذب، لكن أريد الأحوط خاصة أنه قول الأغلب أن الخمر نجس، رغم القول الآخر القوي دلالته بطهارة الخمر والكحول، "رأيت أدلته وهي قوية، ولا أستبعد بأنه الحق، وأفتاني به كثير من الفقهاء خاصة الحديثين" ثم توجهت لصيادلة عدة أسألهم كيف أعرف المواد المسكرة؟ وهل باقي الكحول مسكرة، وخلال البحث وقعت على موقع استفسارات: http://ask.fm/draponour/answer/104718770037 يقول صاحبه لا يوجد كحول غير مسكر، وهنا صدمت رغم أنكم أجبتموني بأن ذلك غير صحيح، لكن كيف هذا الرجل يحرم ما أحل الله؟ فهو أخبرني أيضا بكلماته "المنثول مادة طبيعية ولا تستطيعين تناول قطرات من المادة المركزة ويفضل استعمال المستخلص الطبيعي وليس الصناعي، الجلسرين به شبهة برغم أنه آمن و لا يوجد في الطبيعة منفردا ولذلك تجنبه أفضل" ما هذا الكذب!؟ ثم إن الزيوت العطرية الطبيعية نفسها يدخل طبيعيا في تركيبها مواد كحولية معينة، ولكم البحث بجوجل عن "كحول البنزيل وكذلك Phenethyl alcohol وكذلك المنثول وكذلك الجلسرين "الجلسرين ينتج طبيعيا عند إنتاج الصابون سواء صابون طبيعي أو صناعي خلال عملية التصبن، فهل الصابون نجسة يحرم بيعها!" فكل تلك المواد هي كحول كيميائيا! وحتى ذلك الرجل نسخت لكم كلامه حينما تردد ولم يحكم بأن المنثول والجلسرين مسكران! لأنه يدرك بأنه سيحرم الصابون! ناهيكم عن ملايين الكحول الأخرى مثل البروبلين جليكول "معقم ويمنع التجمد للمواد" وكذلك هناك "السوربيتول وباقي الكحول الدهنية التي تنتج من حلماءة الزيوت والدهون وتستخدم كمستحلب طبيعي، بل حتى السكريات كالعسل وسكر الطعام هو أحد أنواع الكحول متعددة مجموعة الهيدروكسيل "المجموعة الكحولية" الآن أخاف وأترد ولا أصلي إلا بعد أن أستحم وأزيل المكياج والعطور عني حتى لو كان زيتيا، أخاف من الطعام وكل شيء أراه نجسا! فلدي شك في حلية التطيب، رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتطيب ويدعو للتطيب، فما الحل؟ والله أكاد أجن، فتحريم الحلال أمر كفر مثل تحليل الحرام، ولا يجوز تحريم النساء من الطيب! مع العلم أن الكل يؤكد أي من أهل العلم الكيميائيين والشرع أن ليس كل كحول مسكرا! لكن أبقى أخاف لكوني موسوسة باتباع الأحوط، فهل يعاقبني ربي إن تركت قول ذلك الصيدلي الشاذ المتناقض؟ وهل إذا اتبعت القول بطهارة الخمر لشدة وسواسي ومع شده أدلتهم بنظري هل آخذ إثما لأن زوجي يعشق عطرا ما علي به كحول، وحاليا أستعمل فقط أنواعا زيتية أو عطر الأطفال الخالي من الكحول! ويقول زوجي لي عالجي نفسك من الحساسية، وعودي للعطور الأكثر إثارة، ودعك من عطر الأطفال الخفيف والعطر الزيتي المركب الرخيص! وكل الناس عندنا يستعملونه، وأنا حتى تنظيف البيت أوسوس وحتى الطعام لا آكل لشده وسوستي من الكحول!.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيا أيتها الأخت قد أكثرت علينا من الأسئلة حول الكحول، والظاهر أنك تعانين من فرط الوسوسة والتشديد على نفسك، فالذي نوصيك به هو الإعراض عن الوساوس والكف عن الاسترسال معها.
وقد بينا لك في الفتوى رقم: 276955، جوابا مجملا عن الإشكال الذي ذكرته .
ونزيدك في هذا الجواب أن هناك اتجاها آخر قويا في مسألة الكحول: وهو أنها ليست خمرا أصلا، فلا يحكم بنجاستها؛ لأن الخمر شرعا هو الشراب المسكر أي: ما شأنه أن يشرب وفيه الشدة المطربة، ومادة الكحول الصرفة ليست شرابا بهذا المعنى ولا من شأنها أن تشرب، ولكن إن أسكر الكحول حرم شربه إلحاقا بالخمر لا أنه خمر حقيقة، وعلى فرض أن الكحول نجس فإن مزجه بالعطر أو بالدواء يزيل خمريته ـ على فرض ثبوتها ـ فيصبح طاهرا، وقد تبنت هذه الوجهة دار الإفتاء المصرية في فتوى لها مطولة ـ منشورة على موقعها ـ .
فيمكنك الترخص بالأخذ بهذا القول، لا سيما مع ما تعانينه من الوسوسة في التشديد على نفسك، وللموسوس الأخذ بالأيسر، كما سبق في الفتوى رقم: 186625، وإحالتها.
والله أعلم.