عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في أجرة الحضانة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا امرأة مطلقة منذ 6 سنوات، وطليقي كان في البداية لا يريد أن ينفق على ابنته، -وسبحان الله- ظلمني كثيرا في زواجي منه، وما زال يظلم ابنته التي تمر الشهور دون أن تراه. المهم ليس لي مسكن حاضنة، ولا يعطيني أجر حاضنة. طالبته بهذا، فرفض، وأخبرته أن هذا حقي شرعا، رفض، وتعنت. وهناك أمور تريدها ابنته، ولكنه يرفض أن يحضرها. فهل يجوز لي أن أتحايل بمعنى هناك نفقة المدرسة وغيرها، وهو الآن ينفق عليها. فهل يمكن أن أزيد عليها مبلغا معينا كل شهر، يعني مثلا لو كان المبلغ الحقيقي 200 أقول له 250 حتى آخذ حقي من هذا الظالم؛ لأني طالبته بحقي، ورفض، وليست لي قدرة مادية على رفع دعوى قضائية، بالإضافة إلى أنه هددني بأنه يستطيع أن يتحايل؛ لأنه يعرف محامين لا يتقون الله، سيفعلون هذا، وهو شخص عنيد جدا، وأظل أنا في المحاكم، ولا أحصل على شيء. ردوا علي أرجوكم. أشعر بغصة، وقهر شديدين، وليست لي حيلة، فأنا امرأة بمفردي، ومعي ابنة صغيرة، ووالدي كبير في السن، الحمد لله على كل حال . أيضا هل يمكن أن أدخر من هذه النقود لابنتي؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن ما قام به زوجك السابق من ظلمك، أمر لا يجوز، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، فالظلم ظلمات يوم القيامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن عليه أن يعتني بابنته، ويوفر لها النفقة، والمسكن الملائمين، فهذا أمر واجب عليه شرعا سواء كانت الأم باقية في عصمته أم لا.

وبخصوص ما سألت عنه: فإن كان الأب مقصرا - بالفعل - في بعض الحقوق اللازمة عليه، ويرفض أن يؤديها، فلا حرج في التحايل عليه لأخذ مقابل تلك الحقوق منه، وأصل هذا ما رواه الشيخان من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: دخلت هند بنت عتبة، امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني، ويكفي بني، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك، ويكفي بنيك.

لكن ينبغي أن تتنبهي إلى ما ورد في سؤالك من المسائل، فليست كلها واجبة على الأب، بل بعضها كذلك، والبعض الآخر لا يلزمه.

وسنوضح ذلك في الآتي: 

1- تقولين: "وهناك أمور تريدها ابنته، ولكنه يرفض أن يحضرها" فاعلمي أنه غير ملزم شرعا بكل ما تريده ابنته، وإنما تلزمه الأمور الأساسية مثل النفقة، والكسوة، والدواء، والمسكن بالمعروف. أما الأمور الكمالية، والترفيهية، فليست واجبة عليه، ولو فعلها فهو متبرع بها.

2- اختلف العلماء في وجوب توفير السكن، أو أجرته للحاضنة، والمفتى به عندنا هو ما رجحه ابن عابدين الحنفي: من أن المرأة إذا كان لها مسكن فإن ولدها يسكن تبعاً لها، ولا تجب لها أجرة المسكن على والده، أما إذا لم يكن لها مسكن، فواجب على والد الطفل أن يسكنها فترة الحضانة، وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 24435 

3-اختلفوا أيضا في وجوب الأجرة للحاضنة نظير حضانتها، فأوجب ذلك الجمهور خلافا للمالكية.

جاء في الفقه على المذاهب الأربعة: الحنفية - قالوا: أجرة الحضانة ثابتة للحاضنة، سواء كانت أماً أو غيرها، وهي غير أجرة الرضاع، وغير نفقة الولد، فيجب على الأب، أو من تجب عليه النفقة ثلاثة: أجرة الرضاع، وأجرة الحضانة، ونفقة الولد.......

المالكية - قالوا: ليس للحاضن أجرة على الحضانة، سواء كانت أماً أو غيرها، بقطع النظر عن الحاضنة، فإنها إذا كانت فقيرة، ولولدها المحضون مال فإنه ينفق عليها من مال ولدها لفقرها، لا للحضانة ......

الشافعية - قالوا: أجرة الحضانة ثابتة للحاضن حتى الأم، وهي غير أجرة الرضاع، فإذا كانت الأم هي المرضعة، وطلبت الأجرة على الرضاع، والحضانة، أجيبت، ثم إن كان للصغير مال، كانت الأجرة في ماله، وإلا فعلى الأب، أو من تلزمه نفقته، ويقدر لها كفايتها بحسب حاله.

الحنابلة - قالوا: للحاضنة طلب أجرة الحضانة، والأم أحق بحضانته ولو وجدت متبرعة تحضنه مجاناً .. اهـ بتصرف.

4- مصاريف الدراسة فيها تفصيل سبق بيانه في الفتويين التاليتين: 33326 ، 44592.

وأخيرا نقول: إذا كان المبلغ الذي يدفعه الأب وافيا بالأمور الأساسية التي تجب عليه ( من مأكل، وملبس، ودواء، ومسكن، وأجرة حاضنة .. ) فإنه لا يجوز الاحتيال عليه لكي يزيد المبلغ الذي يرسل، أما إن كان المبلغ المرسل من طرفه غير واف بذلك، فلك الاحتيال بحسب النقص فقط. 

والله أعلم.