عنوان الفتوى : مشروعية الفطر للحامل والمرضع وتأخير القضاء حتى زوال العذر
الشكر الجزيل لجميع القائمين على هذا الموقع المتألق. أنا امرأة مرضع لطفل عمره 4 أشهر, ويعتمد على الرضاعة الطبيعية بشكل كامل. في شهر رمضان الماضي لم أستطع الصيام بسبب الحمل, فقد كنت أجوع وأتناول عدة وجبات في اليوم, وعندما حاولت الصيام كنت أشعر بدوار ورجفة في اليدين، الأمر الذي كنت أبرره حسب اجتهادي الشخصي بأنه هبوط في مستوى السكر, لكنني لم أقم بعمل تحاليل، ولا أعرف السبب الحقيقي؟ المهم: أنني لم أستطع الصيام في النصف الأول من الشهر الكريم, ثم أنجبت طفلي, وبعدها أصبحت نفساء طيلة النصف الثاني من الشهر. الآن أنا مرضع، وكنت قد حاولت الصيام لقضاء ما فاتني إلا أنني عدت لأشعر بنفس الأعراض التي شعرت بها أثناء حملي, فما هو حكم الشرع في مثل هذه الحالة؟ وهل أستطيع أن أؤجل قضاء الصوم إلى ما بعد رمضان القادم؟ خاصة وأني قد لا أستطيع صيام رمضان المقبل.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فلا حرج عليك في الفطر في رمضان مدة الحمل ومدة الرضاع، والحامل والمرضع يجوز لهما الفطر؛ جاء في الموسوعة الفقهية:
الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْحَامِل وَالْمُرْضِعَ لَهُمَا أَنْ تُفْطِرَا فِي رَمَضَانَ، بِشَرْطِ أَنْ تَخَافَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى وَلَدِهِمَا الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ، أَوِ الضَّرَرَ أَوِ الْهَلاَكَ، فَالْوَلَدُ مِنَ الْحَامِل بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْهَا، فَالإْشْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَالإْشْفَاقِ مِنْهُ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهَا، قَال الدَّرْدِيرُ: وَيَجِبُ (يَعْنِي: الْفِطْرَ) إِنْ خَافَتَا هَلاَكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى، وَيَجُوزُ إِنْ خَافَتَا عَلَيْهِ الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ، وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى كَرَاهَةِ صَوْمِهِمَا، كَالْمَرِيضِ وَدَلِيل تَرْخِيصِ الْفِطْرِ لَهُمَا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَرَضِ صُورَتَهُ، أَوْ عَيْنَ الْمَرَضِ، فَإِنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لاَ يَضُرُّهُ الصَّوْمُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، فَكَانَ ذِكْرُ الْمَرَضِ كِنَايَةً عَنْ أَمْرٍ يَضُرُّ الصَّوْمُ مَعَهُ، وَهُوَ مَعْنَى الْمَرَضِ، وَقَدْ وُجِدَ هَاهُنَا، فَيَدْخُلاَنِ تَحْتَ رُخْصَةِ الإفْطَارِ.
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْحَمْل مَرَضٌ حَقِيقَةً، وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ، وَلَيْسَ مَرَضًا حَقِيقَةً ، وَكَذَلِكَ مِنْ أَدِلَّةِ تَرْخِيصِ الْفِطْرِ لَهُمَا: حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاَةِ، وَعَنِ الْحَامِل أَوِ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ. وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: عَنِ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ.. اهــ
ويلزمك القضاء قبل دخول رمضان القادم، فإن لم تتمكني من القضاء قبله فاقضي بعده، ولا تلزمك فدية بسبب التأخير للعذر، وأما إن تمكنت من القضاء ولم تقضي حتى دخل رمضان فإنه يلزمك مع القضاء فدية عن كل يوم، وانظري المزيد في الفتوى رقم: 113353 عن مذاهب العلماء في الحامل والمرضع إذا أفطرتا, والفتوى رقم: 55520 عن الحامل والمرضع إذا أخرتا القضاء إلى رمضان القابل.
والله تعالى أعلم.