عنوان الفتوى : لا بأس بتنظيم الإنجاب مراعاة لحالة المرأة الصحية وتربيتها الأولاد

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

شيخنا الفاضل: أنا فتاة في ال20 من عمري، متزوجة منذ سنة، وعندي طفل، وعلى وشك وضع الآخر. زوجي والحمد لله رائع في صفاته، والحمد لله بيننا مودة ورحمة، ولكن للأسف هناك قضية متعبة جدا، وهي أن زوجي يريدني أن أنجب كل أطفالي وراء بعضهم، يعني بعد تجاوزي فترة النفاس لا أتوقف، أو أنظم من حملي، وأنجب عددا لا نهائيا على حسب رزق الله، كما هو مقدر لنا من الأطفال. وهو مصر، مصر، مصر على هذه الرغبة. أما أنا فأخالفه فيها، فالمسؤولية الكبرى في الرعاية، والتربية تقع علي أنا كأم، وجسدي لن يحتمل الإنجاب المتكرر دون تنظيم؛ وذلك لعدة أسباب: أولها: صحتي، وذلك بأن الرحم عند المرأة يحتاج لفترة نقاهة، وراحة من الحمل، والولادة، وإلا فإنه بذلك معرض للكثير من الأمراض مثل ارتخاء الرحم، أو ثقب الرحم، أو سرطان الرحم- والعياذ بالله- عافانا الله وإياكم من الأمراض جميعها. وبالنظر لجانب آخر فزجي يريدني دائما أن أبدو رشيقة و(سمبتيك) وإلا أتعرض للسمنة، إلا أن كل حمل يزيد من وزن المرأة حتى وإن كانت لا تأكل، وذلك لأسباب علمية مثل خمول أداء الأمعاء وغيره، ناهيك عن أنه يريدني دائما في أبهى حلة، وأن أقابله دائما بالدلال وتلبية احتياجاته كلها، وأنا ليس لدي أي مانع في ذلك، على العكس، ولكن من واقع تجربتي مع طفلي الأول، فإنه يأخذ الكثير من وقتي واهتمامي، وبالتالي لن أستطيع تلبية هذا الطلب بشكل تام كما يريد، مما سيؤدي إلى المشاكل المتكررة بيننا، وقد حصل ذلك من قبل. وقد يؤدي أيضا إلى تلبية حاجته هذه بالزواج من أخرى، وليس هناك أي امرأة تقبل أن تشاركها امرأة أخرى في زوجها. ومن الأسباب أيضا أنني أحب أن أعطي أولادي كلهم، كل واحد حقه، ودلاله، وطفولته. ولكن هذا سيتناقص لا محالة؛ وذلك لأن كل طفل أصغر سنا بحاجة لرعاية أكثر ممن هو أكبر منه. وهذا الشعور مؤلم بالنسبة للأم والطفل. والمزعج في الموضوع أن زوجي غير متقبل لهذه الأسباب كلها، وغير مقتنع بها، ويقول لي دائما عند نقاشي له بخصوص هذا الموضوع إنه لن يقبل. وإذا بقيت مصرة على موقفي، فإنه سيهجرني، أي لن يقربني على الفراش، وهذا ليس بالشيء الذي يسعدني أبدا، بل أنا دائما أريد لزوجي الراحة والسعادة، وكل ما يريد. ولكن من حقي أن أرعى أنوثتي، وجمالي، وجسمي، ونفسيتي، وراحتي، وأطفالي، وسعادتي أيضا. فأرجوكم ماهو حكم الشرع في هذه الحالة علي وعلى زوجي؟ أنتظر الإجابة بفاغ الصبر، مع الشكر الجزيل. وجدير بالذكر أنني مغتربة في بلاد زوجي، وليس لدي أي أحد يعاونني في أولادي، ولا حتى خادمة، وزوجي رافض تماما لفكرة الخادمة، وحملي يمنعني من السفر إلى أهلي، وزوجي يمانع في ولادتي عند أهلي.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فيحسن بنا أن نبدأ كلامنا بأمر عام، وهو أنه ينبغي أن تقوم الحياة الزوجية على التفاهم بين الزوجين، والاحترام المتبادل بينهما، ومراعاة كل منهما مشاعر الآخر، فهذا النهج يتيسر به كل عسير، وتتجاوز به كل عقبة، وبذلك يسعد الزوجان، وتستقر حياتهما الزوجية، ويتحقق واحد من أعظم مقاصد الشرع من الزواج في قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

وههنا أمر آخر وهو أنه يجب على الزوجة طاعة زوجها في المعروف، ولكن لا يخفى أنه ليس من المعروف أن تطيع زوجها فيما فيه ضرر عليها، فالضرر يدفع ويزال؛ ففي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.

 فإذا كان تقارب مدة الإنجاب ربما ترتب عليه ضرر على المرأة، أو على طفلها، فينبغي مراعاة ذلك، وأن لا يتعنت الزوج ولا يرتضي قطع الإنجاب مدة لمثل هذا الغرض الصحيح؛ وراجعي الفتوى رقم: 173079.

  وكذلك الحال فيما يتعلق بأمر تحري المرأة الرشاقة، أو تدليل زوجها، ينبغي لها تحري ذلك ما أمكنها. وما لم يمكن -كما هو الحال فيما يتعلق بأمر السمنة عند الحمل- فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ولا يجوز للزوج أن يهجر زوجته لغير سبب مشروع، فللهجر ضوابطه الشرعية، وقد أوضحناها في الفتوى رقم: 71459.

 وعلى الزوجة أن تجتهد في أمر خدمة زوجها، فعليها الخدمة الباطنة، وعلى زوجها الخدمة الظاهرة. وراجعي الفتوى رقم: 15416.

 وينبغي أن يتعاون الزوجان في أمر رعاية الأولاد، أو في أمر الخدمة في البيت، وهكذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته؛ ففي صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله. تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
  ونوصيك في الختام بالصبر، والدعاء بأن يحقق الله الألفة، والوئام، وأن يجنبكما أسباب الفرقة والخصام.

  والله أعلم.