عنوان الفتوى : لمن الشفعة لمالك المنزل أم للشريكة في المحل؟
تراضى الورثة على تقسيم بيت الأسرة دون كتابة أي عقود إلى ثلاثة أجزاء متصلة: نصف البيت لرجل، والنصف الثاني للرجل الآخر، ودكان ـ محل تجاري ـ في الواجهة - وجزء من المنزل بباب خارجي لثلاث بنات, تمارس فيه إحدى البنات التجارة, ثم اشترى وريث الرجل الأول من ورثة الرجل الثاني نصيبهم بالتراضي ليصبح البيت كله ملكًا له إلا الدكان, والآن البنات يردن أن يبعن الدكان لتقسيم ثمنه عليهن، فظهرت المشكلة التالية: يريد وريث الرجل الأول شراء الدكان ليهدمه، ويعيد بناءه مع البيت حتى يكتمل البيت كله له، وينتفع بالشارع؛ حيث إن نصف البيت خلف هذا الدكان، وحتى لا يتضرر من أي نشاط في هذا الدكان لاحقًا, ويوافقه على ذلك ورثة إحدى البنات، بينما تريد البنت التي تمارس التجارة في الدكان شراء الدكان، علمًا أنها تملك محلات أخرى في بيتها الجديد، كما أنهم تركوا لها سابقًا بالتراضي الانتفاع بالدكان لسنوات عديدة دون أي إيجار؛ لأنها لم تكن تمتلك غيره, وتوافقها الأخت الثالثة، فما رأي الشرع؟ ولمن الأحقية في الشراء؟ وهل فيه الشفعة؟ ولمن تحق؟ أم ينطبق عليه حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: جارُ الدَّارِ أحقُّ بالدَّارِ ـ والجار أحقّ بسقبه - جزاكم الله عنا كل الخير -؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الورثة فيما فعلوا من التراضي فيما بينهم على قسمة العقار، ولا يلزم لصحة ذلك توثيقه بعقود مكتوبة، وإن كان الأولى هو فعل ذلك.
وأما مسألة الدكان: فالبنت هي الأولى به؛ لأنها شريكة فيه، وتريد شراءه، وليس لأختيها بيع نصيبيهما فيه لغيرها؛ لما رواه مسلم، والنسائي، وأبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم، أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به.
وأما الجار غير الشريك: فإنما يكون له حق الشفعة ـ عند من يثبت ذلك له ـ على الدخيل الذي ليس بجار مثله؛ ولذا أورد ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إعلام الموقعين أثرًا عن الشعبي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: الشفيع أولى من الجار، والجار أولى من الجنب. قال ابن القيم: وإسناده إلى الشعبي صحيح.
وعليه، فالشفعة هنا للبنت لا لغيرها.
والله أعلم.