عنوان الفتوى : لا تجوز الوكالة إذا كان فيها إضرار بالآخرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والد زوجتي توفي وله أربع بنات وزوجة، وله أملاك مع شركائه، وأنا وزوجتي نعيش خارج الوطن ولا نستطيع الرجوع في الوقت الحاضر.المشكلة هي أن اثنتين من البنات اضطرتا إلى رفع دعوى قضائية ضد والدتهم وذلك لرفضها إعطائهما حقهما الشرعي، وعلى هذا الأساس قامت والدتهن بتهديدهن وذلك عن طريق بيع حصصها عن طريق المحكمة( إزالة الشيوع) وهذا يؤدي إلى كسر قيمة الأملاك، وطلبت الأم من زوجتي عمل وكالة عامة لها وبهذه الوكالة يكون موقفها قوياً في البيع... وبذلك تساهم زوجتي في الإضرار بالغير وقطع العلاقات بالرحم، وفي حالة عدم عمل الوكالة للأم فسوف تقاطع زوجتي والله أعلم بالحال؟علماً أني أنا وزوجتي لا نفكر بالمال ؟أفتونا يرحمكم الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب شرعاً إذا مات الميت أن يبدأ الورثة مباشرة بقضاء ما على الميت من ديون، لأن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، وأن تنفذ وصيته إن كان قد أوصى بشيء في حدود الثلث، لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11].
وأن يجهز من ماله، فما بقي بعد ذلك، فإنه يقسم على الورثة بحسب التقسيم الوارد في كتاب الله، وفي هذه الحالة التي ذكرها السائل يكون للزوجة أي زوجة الميت الثمن لوجود الفرع الوارث، وللبنات الثلثان فرضاً، والباقي رداً إذا لم يكن عصبة للميت كأخ له، أو ابن أخ أو عم، لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12].
وقال في البنات: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ [النساء:11].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.
فيجب أن يكون هذا من المُسَلَّمات عند المسلم لأن هذا هو تقدير الله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة في أمرهم [الأحزاب:36].
ويقول تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65].
وكان ينبغي للبنات اللاتي رفعن الدعوى إن لا يفعلن ذلك مع والدتهن، لأن الوالدة حقها البر والإحسان والتقدير، ولأن هذا يفضي إلى التنازع، وتقطيع الأواصر والعقوق، فالأم لها حق عظيم إذ جعل النبي صلى الله عليه وسلم لها ثلاثة أرباع الحقوق في الحديث الصحيح عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وقد قرن الله تعالى شكر الوالدين بشكره، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14].
وبالإمكان إقناع الوالدة بطريقة أو بأخرى بالتي هي أحسن، إما من خلال البنات أنفسهن بتذكيرها بالله، وأن هذا المال هو حق لهن أحقه الله تعالى، وليس لها إلا نصيبها، وإما من خلال أقاربها الآخرين.. كل ذلك يتم بعيداً عن التنازع والبغضاء والتقاطع، وعليهن بالصبر حتى يجعل الله تعالى لهن مخرجاً، وعلى زوجة السائل أن تقنع أمها بأن هذه الوكالة سيكون فيها إضرار، والإسلام حرم الإضرار بالغير، وتسدي إليها النصح والتوجيه.
والله أعلم.