عنوان الفتوى : الفرق بين لعبة "babyfoot" وبين الألعاب الإلكترونية المحتوية على الصور
هناك سؤال كان قد وجه إليكم عن لعبة اسمها: "babyfoot" ومن فتواكم: فلا يجوز اللعب بهذه اللعبة؛ لاشتمالها على التماثيل المجسمة للاعبي الكرة، وقد أجمع أهل العلم على حرمة التماثيل المجسمة" وقد فهمت من فتوى أخرى لكم جواز اللعب بالألعاب الإلكترونية المحتوية على صور كرتونية لذوات أرواح بالنسبة لمن تجاوز سن البلوغ، وأذكر أنكم أفتيتم بعدم جواز الاحتفاظ بالصور الكرتونية على جهاز الكمبيوتر، فأرجو أن توضحوا لي ما الفرق في الحكم الشرعي بين اللعبة التي تسمى بـ"babyfoot" وبين الألعاب الإلكترونية المحتوية على صور كرتونية لذوات أرواح؟ وما الفرق بين اللعب بالألعاب الإلكترونية المحتوية على صور كرتونية لذوات أرواح، وبين الاحتفاظ بالصور الكرتونية على الكمبيوتر؟ وهل اللعب بالألعاب الإلكترونية المحتوية على صور كرتونية لذوات أرواح جائز بالنسبة لمن تجاوز سن البلوغ أم لا - جزاكم الله خيرًا -؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من أظهر الفروق بين لعبة: "babyfoot" ونحوها، وبين الألعاب الإلكترونية ذوات الصور هو: أن الصورة المجمسة - ما لها ظل - أعظم من الصورة المرسومة - التي لا ظل لها - فالأولى مجمع على تحريمها إن كانت كاملة، وأما الأخيرة فمختلف فيها، فقد ذهب بعض العلماء إلى أنها مكروهة غير محرمة.
جاء في حاشية العدوي: والحاصل أن التمثال إن كان لغير حيوان كالشجر جاز، وإن كان لحيوان، فما له ظل، ويقيم، فهو حرام بإجماع، وكذا إن لم يقم كالعجين، خلافًا لأصبغ، وما لا ظل له إن كان غير ممتهن، فهو مكروه، وإن كان ممتهناً، فخلاف الأولى، وهذا كله في الصور الكاملة، وأما ناقص عضو من الأعضاء الظاهرة، فيباح النظر إليه. اهـ.
وجمهور العلماء على تحريمها.
وكذلك: فالألعاب الإلكترونية ليست قائمة منصوبة، وإنما تزول صورها بإغلاق الجهاز.
وأما بخصوص لعبة "babyfoot" فقد سبق أن أفتينا بحرمة اللعب بها في الفتوى رقم: 19327 لما فيها من الصور المجسمة، وقد نص بعض الفقهاء على تحريم اللعب بكل ما في آلته صورة محرمة.
جاء في تحفة المحتاج - في الكلام عن اللعب بالشطرنج -: وترد الشهادة به إن اقترن به أخذ مال، أو فحش، أو دوام عليه.
قال الماوردي: أو لعبه على الطريق، أو كان فيه صورة حيوان، كما قاله غيره، ومن ثم صرح بعضهم بأنه يحرم اللعب بكل ما في آلته صورة محرمة. اهـ.
لكن قد يرخص في بعض أنواع هذه اللعبة، وذلك إذا كانت صورها غير واضحة المعالم؛ وذلك نظرًا لقول من يرخص في الصور غير واضحة المعالم، كما نقلناه في الفتوى رقم: 118104، والفتوى رقم: 130686.
وكذلك قد يقال بجواز اللعب بها عند من يرى أن الاقتناء المحرم للصور هو ما كانت فيه منصوبة على وجه التعظيم؛ لأن هذه اللعبة لا تنصب صورها على وجه التعظيم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يرى الجمهور أن الصور لذوات الأرواح - مجسمة كانت أو غير مجسمة - يحرم اقتناؤها على هيئة تكون فيها معلقة، أو منصوبة.
وأما إذا اقتنيت الصورة - وهي ممتهنة - فلا بأس بذلك عند الجمهور، كما لو كانت في الأرض، أو في بساط مفروش، أو فراش، أو نحو ذلك.
وقد نص الحنابلة، والمالكية على أنها غير مكروهة أيضًا، إلا أن المالكية قالوا: إنها حينئذ خلاف الأولى.
ووجهوا التفريق بين المنصوب والممتهن: بأنها إذا كانت مرفوعة تكون معظمة، وتشبه الأصنام.
أما الذي في الأرض ونحوه فلا يشبهها؛ لأن أهل الأصنام ينصبونها، ويعبدونها، ولا يتركونها مهانة.
ومن الدليل على بقاء الصورة الممتهنة في البيت الحديث المتقدم عن عائشة - رضي الله عنها -: أنها قطعت الستر، وجعلته وسادتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ عليهما، وفيهما الصور.
وقد ورد عن عكرمة قال: كانوا يكرهون ما نصب من التماثيل، ولا يرون بأسًا بما وطئته الأقدام.
وكان القاسم بن محمد يتكئ على مخدة فيها تصاوير .
والنصب المنهي عنه قال بعض الشافعية: أي نصب كان، حتى إن استعمال إبريق فيه صور، تردد فيه صاحب المهمات، ومال إلى المنع، أي: لأنه يكون منصوبًا.
وقالوا في الوساد: إن استعملت منصوبة حرم، وإن استعملت غير منصوبة جاز.
وذهب بعض آخر من العلماء إلى أن النصب المنهي عنه خاصة ما يظهر فيه التعظيم، فقد قال الجويني: إن ما على الستور، والثياب من الصور لا يحرم؛ لأن ذلك امتهان له. اهـ.
ولا يبعد كذلك أن يقال إن اللعب ب: "babyfoot" فيه نوع من الامتهان للصور التي بها، فيرخص فيها من هذه الجهة أيضًا؛ لكن يعكر عليه أن بعض من رخص في الصور الممتهنة منع من اللعب بما في آلته صورة محرمة - كما تقدم في الشطرنج - وقد يقال بأن اللعب قد تكون فيه إهانة في بعض الألعاب دون البعض الآخر، وذلك حسب طريقة اللعب.
وأما الألعاب الإلكترونية المشتملة على صور مرسومة لذوات الأرواح، فقد أفتينا بجوازها إن كانت لمصلحة كما في الفتوى رقم: 11367، والفتوى رقم: 17300 .
والصغار - لا سيما البنات - قد جاءت الرخصة بلعبهم بالألعاب ذوات الصور، وهذا الترخيص خاص بمن كان دون البلوغ،.
وأما من بلغ فليس داخلًا في الرخصة من هذه الحيثية، وقد فصلنا القول في هذه المسألة في الفتويين: 167825 120568.
والله أعلم.