عنوان الفتوى : تصوير الطعام ومشاركة الصورة مع الأصدقاء
ما حكم تصوير الطعام، ومشاركة الصورة مع الأقارب والأصدقاء؟ مع العلم أن تصويري للطعام وإرساله لهم، لم يكن به مباهاة، أو تكبر، فكل ما في الأمر أني أحببت أن أشاركهم فرحتي، فأنكر عليّ بعضهم، وقال: لا يجوز تصوير الطعام ونشره، فما حكم ذلك؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج في الأصل أن يرسل الشخص إلى صديقه، أو قريبه صورةَ طعامه، ولكن التوسع المشاهد الآن في إرسال تلك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، نرى أنه أمر غير محمود؛ فقد يترتب على نشر تلك الصور، شيء من الحسد، فيُحْسَدُ صاحب الصور على تلك النعم، التي أنعم اللهُ بها عليه.
وقد يترتب على نشرها كسر لقلوب الفقراء والمعدومين، إذا شاهدوا تلك الصور.
وقد يترتب على نشرها وقوع صاحب الصور في الرياء بأمور الدنيا، وقد سبق أن بينا في فتوى سابقة أن هذا النوع من الرياء، قد يكون مذمومًا؛ وذلك بحسب الغرض المطلوب به.
وقد يترتب على نشرها وقوع صاحب الصور في المباهاة، ويكون طعامه ذلك أشبه بطعام المتباريين، الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي سنن الترمذي عن ابْن عَبَّاسٍ قال: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ.
قال في عون المعبود: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُتَبَارِيَانِ هُمَا الْمُتَعَارِضَانِ بِفِعْلَيْهِمَا. يُقَالُ: تَبَارَى الرَّجُلَانِ، إِذَا فَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ فِعْلِ صَاحِبِهِ؛ لِيُرَى أَيُّهُمَا يَغْلِبُ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّيَاءِ، وَالْمُبَاهَاةِ. اهـ.
وفي فيض القدير للمناوي: (المتباريان) أي: المتعارضان بفعلهما في الطعام؛ ليميز أيهما يغلب (لا يجابان، ولا يؤكل طعامهما) تنزيهًا، فتكره إجابتهما وأكله؛ لما فيه من المباهاة، والرياء؛ ولهذا دعي بعض العلماء لوليمة، فلم يجب، فقيل له: كان السلف يجيبون، قال: كانوا يدعون للمؤاخاة، والمؤاساة، وأنتم تدعون للمباهاة، والمكافأة. اهــ.
وهذا ما يفعله بعضُ من ينشر صور طعامه، حين يتبارى هو وآخرون أيهم أفضل طعامًا، وأكثر خبرةً في صنع الطعام.
والخلاصة: أنه ينبغي للمسلم أن يصون نفسه عن مثل هذه الأمور، التي قد تؤدي إلى ما ذكرنا آنفًا، والإكثار منها، والانشغال بها، أقل أحواله أنه من خوارم المروءة.
والله تعالى أعلم.