عنوان الفتوى : تكفير بعض الصحابة لبعض وقع منهم بتأويل
نحن أهل السنة نعتقد بأن الصحابة كلهم عدول، ولكن الذهبي ـ رحمه الله ـ قال في كتاب له أظن أنه ميزان الاعتدال: يوجد بعض الصحابة يكفر بعضهم، وإذا قال المسلم لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، يعني أنه لا بد أن يكون أحد على صواب والثاني مخطئ، فكيف نرد على هذه الشبهة خصوصا في هذا الوقت المليء بالروافض الذين يأتون بكتب أهل السنة ويستدلون بها؟. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الذهبي في كتاب الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما، والله يرضى عن الكل ويغفر لهم، فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا أصلا، وبتكفير الخوارج لهم انحطت رواياتهم، بل صار كلام الخوارج والشيعة فيهم جرحا في الطاعنين، فانظر إلى حكمة ربك، نسأل الله السلامة.
وقال: فأما الصحابة رضي الله عنهم: فبساطهم مطوي وإن جرى ما جرى، وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات، فما يكاد يسلم أحد من الغلظ، لكنه غلط نادر لا يضر أبدا، إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه العمل وبه ندين الله تعالى.
وعلى ذلك، فما صدر من بعض الصحابة مما ذكر لا يقدح في عدالتهم، فضلا عن أن يقدح في إسلامهم، لأنه وقع منهم بتأويل كما ذكر الذهبي، وانظر الفتوى رقم: 47533.
ولم نقف على وقوع تكفير من بعض الصحابة لبعض بصريح لفظ الكفر، وإنما ورد اتهام البعض بالنفاق، كما في قصة حاطب بن أبي بلتعة في الصحيحين، لما قال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال صلى الله عليه وسلم: إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وهذا ونحوه إنما وقع بتأويل، فلا يلزم منه كفر القائل أو المقول له، وأما بخصوص الكفر الوارد في الحديث المذكور في السؤال، فراجع بشأنه الفتوى رقم: 151555.
والله أعلم.