عنوان الفتوى : تكفير المسلم.. كفر أصغر أم أكبر
هل تكفير المسلم كفر أصغر أم أكبر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننبه على أن تكفير المسلم ليس بالأمر الهين، فلا بد من ضبط هذا الباب بالضوابط الشرعية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75718وما أحيل عليه فيها.
ولعل السائل يعني بسؤاله الحكم الثابت في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك. متفق عليه واللفظ للبخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما. متفق عليه.
وهذا الكفر الذي يرجع على القائل ليس هو الكفر الأكبر مطلقا، بل الأصل فيه أنه من الكفر الأصغر إلا إذا انضاف لكلمته ما يجعلها من الكفر الأكبر، كأن يقول ذلك لمن يعرف منه الإسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر؛ فإنه يكفر بذلك.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): التحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم .. وقيل: معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره. وهذا لا بأس به. وقيل: يخشى عليه أن يؤول به ذلك إلى الكفر، كما قيل: المعاصي بريد الكفر، فيخاف على من أدامها وأصر عليها سوء الخاتمة. وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يعرف منه الإسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر فإنه يكفر بذلك .. فمعنى الحديث: فقد رجع عليه تكفيره، فالراجع التكفير لا الكفر، فكأنه كفر نفسه لكونه كفر من هو مثله ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام. ويؤيده أن في بعض طرقه "وجب الكفر على أحدهما".
وقال القرطبي: ... والحاصل أن المقول له إن كان كافرا كفرا شرعيا فقد صدق القائل وذهب بها المقول له، وإن لم يكن رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه. كذا اقتصر على هذا التأويل في رجع، وهو من أعدل الأجوبة اهـ.
والله أعلم.