عنوان الفتوى : الواجب تجاه مَن فعل ما يوجب الكفر
قول الشخص: "إن فلانًا كفّره" عند الضجر منه، هل هذا كفر؟ وماذا يفعل الإنسان إذا كَفَر شخص أمامه؟ هل يقول له: "أنت كفرت، وادخل الإسلام من جديد"؟ خصوصًا في المعلوم من الدين بالضرورة، الذي لا يعذر به بالجهل، والتأويل، أم إنه يمكن أن يعذر بالخطأ، كسبق اللسان مثلًا، أم ماذا؟ وهناك قاعدة تقول: من لم يكفر الكافر، فهو كافر.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان المراد حكاية الشخص عن غيره أنه كفّره (كقول: فلان كفرني)، فليس هذا بكفر، سواء كان قائل ذلك صادقًا أم كاذبًا.
ثم اعلم أن المسلم المعين إذا قال أو فعل ما ثبت شرعًا أنه من الكفر، لا يلزم الحكم عليه بعينه أنه كافر مرتد؛ إذ الحكم على المعين بالكفر موقوف على اجتماع الشروط، وانتفاء الموانع.
ومرد الحكم على الأعيان إلى القضاء الشرعي، وما يقوم مقامه -كالعلماء المجتهدين، الذين من شأنهم التحقق من اجتماع الشروط وانتفاء الموانع-.
ومن ثبت إسلامه بيقين، فلا يخرج منه إلا بيقين. وراجع تفصيل هذه الجمل في الفتوى: 721، والفتوى: 102922، والفتوى: 313477.
أما قاعدة: (من لم يكفر الكافر، فهو كافر)، فهي في من دان بغير دين الإسلام -كاليهود، والنصارى، والبوذيين، وغيرهم-، وليس لها علاقة بتكفير من يظهر الإسلام، إذا وقع في شيء من نواقضه، وراجع في هذا الفتوى: 170059.
وإذا رأيت شخصًا بدر منه شيء من أفعال الكفر، فإن عليك نصحه، بأن تبين له أن هذا الفعل كفر، وأن عليه التوبة منه، وأما الحكم عليه بأنه كافر، وأن عليه تجديد إسلامه، ونحو ذلك من أحكام الردة، فهذا ليس من شأنك.
ثم إنه يظهر من أسئلتك أن تعاني من الوسوسة، فننصحك بالإعراض عن الوساوس جملة، والكف عن التشاغلِ بها، وقطع الاسترسالِ معها، وعدم السؤال عنها، والضراعة إلى الله أن يعافيك منها.
والله أعلم.