عنوان الفتوى : أقسمت مرارًا أن أترك العادة السرية، ولكني أعود، فهل سيقبل الله التوبة؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

يؤسفني القول أني مدمن للعادة السرية، رغم إدراكي بأضرارها، وأنها محرمة، ولكن سؤالي ليس عنها، بل سؤالي عن تكرار التوبة، حيث إني أعزم على أن أتركها إلى الأبد، ثم أعود إليها، فأشعر أني ناقض لعهدي مع الله، والمصيبة أني عندما أريد وضع حد لها أستخدم القسم، فأقسم بالله أني لن أعود إليها، ثم أعود، على الرغم من أني أكافح تلك الشهوة بكل ما أملك، وأوبخ نفسي، وأقول: أيتحكم الشيطان بي، ويجعلني أخالف عهدي مع الله!؟ ومع ذلك أعود، وقد حاولت التوبة كثيرًا لدرجة أنني شعرت أن الله ملّ مني، ولن يقبل توبتي، وقد أدمنت العادة منذ سنة واحدة، ولكني كنت أكافحها كل يوم، وهناك شيء غريب وهو أني كنت أشاهد الأفلام الإباحية، ولكني كنت كارهًا لها، فعندما عزمت على التوبة عنها، ومن أول مرة تبت، ولم أعد إليها، إنما العادة السرية لم أستطع، وأريد أن أعرف هل سيقبل الله توبتي بعد مئات المرات التي تبت فيها وعدت إلى الذنب؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

  فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يغفر ذنبك، ويطهر قلبك، ويحصن فرجك.

ونوصيك بمواصلة جهاد النفس، والبدار إلى تجديد التوبة، مهما تكرر ذنبك، ففي الحديث المتفق عليه: أن عبداً أصاب ذنباً - وربما قال: أذنب ذنباً - فقال: رب أذنبت - وربما قال: أصبت - فاغفر لي، فقال ربه: عَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنباً، أو أذنب ذنباً، فقال: رب أذنبت - أو أصبت - آخر فاغفره، فقال: علِمَ عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنباً - وربما قال: أصاب ذنباً - قال: قال: رب أصبت - أو قال: أذنبت - آخر فاغفره لي، فقال: علِمَ عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثلاثاً، فليعمل ما شاء.

قال العلماء: فليعمل ما شاء ـ معناه: ما دام يذنب فيتوب، فإن الله يغفر له.

قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه لصحيح مسلم: ولو تكررت مائة مرة، بل ألفاً وأكثر، وتاب في كل مرة قبلت توبته، أو تاب عن الجميع توبة واحدة صحت توبته. انتهى.

فالله تعالى يحب التوابين، وهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ومهما تكرر الذنب فتب، واعلم أن الله يقبل توبتك، ويقيل عثرتك، فإن زلت نفسك، وعاودت الذنب مرة أخرى، فعد للتوبة، وهكذا حتى يمن الله عليك بالعافية، ولا تستسلم لإغواء الشيطان ووسوسته لك بعدم قبول التوبة، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال إبليس: وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني. رواه أحمد، والحاكم، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب.

فلا تيأس، واستمر في طريق الطاعة والمجاهدة، وأكثر من دعاء الله بصدق، واللجوء، والتضرع إليه، وراجع للفائدة الفتويين التاليتين: 66163، 2969.

وأنجع علاج لتلك العادة السيئة، وقطع دابرها هو الزواج، وقد ذكرنا بعض النصائح المعينة على ترك العادة السيئة في الفتاوى: 76495، 7170، 164945، 225073، 110232، 65187، 194891 وما أحيل عليه فيها، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات في الموقع بشأن تخفيف الشهوة.

وننبه إلى أنه يجب عليك إخراج كفارة يمين عن القسم الذي حنثت فيه، وانظر الفتوى رقم: 241504.

وبخصوص هل يوصف الله تعالى بالملل أم لا؟ انظر الفتوى رقم: 28948.

والله أعلم.