عنوان الفتوى : حكم طلب الطلاق لغياب الزوج كل شهر مدة تزيد عن نصف الشهر لظروف العمل
أنا شابة متزوجة ، وعمري 24 سنة ، وعندي طفلة عمرها عام ، مر على زواجي عامين ، وزوجي يعمل بعيدا ، ولا يأتي إلا بعد مرور شهر ، ويأتي لقضاء 10 أيام ، ثم يعود إلى العمل. وـ الحمد لله ـ نمتلك منزلا للعيش فيه ، ولكن ليس في منطقة عمله ، ومشكلتي هي : إنه قبل زواجنا وعدني أن يأخذنا معه إلى مكان عمله للعيش بقربه ، ولكن بعد زواجنا تغير الأمر ، ولم نذهب معه ، وقال : لن يأخذنا حتى يجد المنزل ، مر شهر وشهرين ، وهكذا ، ونحن ننتظر ولم يجد المنزل ، وقد كنت أسكن عند عائلته حتى اكتشفت أني حامل ، قلت له : إني أحتاج وجودك معي ، ولكن نفس الجواب لم يجد المنزل هناك في منطقة عمله ، حتى إني مرضت كثيرا في حملي ، والحال لم يتغير ، وقال لي : إنه سيقوم بنقل عمله للعيش معنا ، اقترب موعد ولادتي ولا جديد في ذلك ، كان يأتي بعد شهر من الغياب ويعود بعد قضاء 10 أيام معنا ، حتى ولدت ابنتي ، وأنا أنتظر وجوده معنا . بدأت المشاكل تكبر في منزل عائلته ، حتى أحسست أن مكوثي معهم أصبح مضيقة لهم ، و كان لا يتصل بي إلا أحيانا ، ولا يسأل عن والديه ، وكانوا دائما هم المسؤولون عني ، حتى قلت له : خذنا معك ، نحتاجك أنا وابنتك معنا ، لكن بدون جدوى ، في الشهور الأخيرة من العام الماضي مرض أبيه ، وقال لي : يجب أن أكون بجانب والديه ، وأخدمهم ، ولن يستطيع أخذنا معنا . من الشهور الأولى من زواجنا لا يحب أن يجلس في المنزل معنا أبدا ، كثير الخروج ، ولا يحب التحدث ، دائما يشاهد التلفاز بصمت ، أو يذهب للنوم ، أحاول لفت نظره ، والتحدث معه ، لكن لا يستجيب ، حتى بدأت أشعر بالملل من هذا الحال ، معظم الأوقات غائب عني ، وفي حال وجوده لا يحب أن يكون معي ، حاولت كثيرا في التحدث معه ـ يقول : أنا هكذا ، ولا يشاركني في أموره الخاصة ، دائم الهروب ، أتجمل له ، وألبس له ـ لكنه يفضل الخروج دائما ، سئمت من العيش معه ، هل من حقي طلب الطلاق ؟
الحمد لله
الذي نوصيك به أن تصبري فإن في الصبر على ما يكرهه الإنسان خيرًا كبيرًا ، وقد أمر
الله تعالى عباده بالصبر والمصابرة فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل
عمران/ 200 .
ويراجع الحديث عن فضل الصبر وحكمة البلاء في الفتوى رقم : (71236).
وأما سكنك مع أهل زوجك فينظر في طبيعته فإن كان مسكنا
مستقلا بمرافقه ، ولكنه مجاور لمساكنهم ، أو في نفس البناية ، فهنا يكون الزوج قد
أدى ما عليه ، وفعل ما ألزمته به الشريعة الغراء ، من توفير مسكن مستقل للزوجة .
وأما إن كنت تسكنين مع أهله في سكنهم الخاص ، ولم يوفر لك مسكنا مستقلا : فهنا يكون
الزوج مقصرا ، فإن من حقوق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا ، كما سبق
بيانه في الفتوى رقم : (94965).
وأما مطالبته لك بأن تخدمي أهله : فهذا لا يلزمك ، وإنما هذا من مكارم الأخلاق ، ومن حسن معاشرتك لزوجك ولأهله ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (120282).
وإن كان من نصيحة أخيرة لك وللزوج فإنا ننصحه بأن
يعاشر زوجته بالمعروف قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ
خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19.
وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية ، من الصحبة الجميلة ، وكف الأذى ، وبذل
الإحسان ، ولين القول ، وحسن المعاملة كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (199119).
وعليه أن يحاول جاهدا لكي يضم زوجته وولده إلى كنفه ورعايته بحيث يسكنون معه ، فإن
قصر في ذلك، فينظر : فإن كان قد وفر لك مسكنا مستقلا فقد خرج من عهدة المطالبة
بالسكن.
وإن لم يوفر مسكنا مستقلا ، فهنا يلزمه أن يوفره فإن
لم يفعل جاز لك طلب الطلاق للضرر . وإن كنا في كل الأحوال لا ننصح إلا بالصبر
والتأني في معالجة الأمور ، خصوصا وأن غياب زوجك عنك ليس بالوقت الطويل ، فإنه يغيب
فقط لمدة عشرين يوما لظروف عمله ، ويرجع ليمكث معكم عشرة أيام ، ومثل هذا كثير في
الأسر ، وبإمكان المرأة أن تتكيف عليه ، وتتعايش معه ، متى ما جعلت الحفاظ على
بيتها وأسرتها : هدفا أساسيا لها ، ومحورا في حياتها .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (233628)
، ورقم : (240905)
.
والله أعلم.