عنوان الفتوى : مذاهب أهل العلم في حكم وعقوبة ساب الصحابة
تفرجت على فيديو للمدعو ياسر حبيب.... لا أذكر تماما اسم هذا الشخص ـ عليه من الله ما يستحق ـ وهو معمم بدعي، فقد كان يلقن شخصا ينوي الابتداع، وبعد النطق بالشهادة التي يتفوه بها أكملها بأن يشهد هذا الشخص بأن أبا بكر وعمر وعثمان وأمهاتنا ـ عائشة وحفصة ـ رضي الله عنهم جميعا في النار، وقد شهد هذا الشخص، وبعد أن سمعت هذا الكلام قلت إنه أراد على زعمه أن يدخله الإسلام فكفره، فهل في هذا القول الصادر عني أي شيء، لأنني أعلم أنه لا يجوز تكفير مسلم؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأقوال المعتبرة عند أهل السنة: تكفير من يسب الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ويطعن في عدالتهم، قال الدكتور ناصر بن علي عائض حسن الشيخ في رسالته: عقيدة أهل السنة في الصحابة ـ ذهب جمع من أهل العلم إلى القول بتكفير من سب الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أو انتقصهم، وطعن في عدالتهم، وصرح ببغضهم، وأن من كانت هذه صفته أباح دم نفسه، وحل قتله، إلا أن يتوب من ذلك، ويترحم عليهم، وممن ذهب إلى هذا القول من السلف الصحابي الجليل عبد الرحمن بن أبزى وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وأبو بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، ومحمد بن يوسف الفريابي، وبشر بن الحارث المروزي، ومحمد بن بشار العبدي، وغيرهم كثير، فهؤلاء الأئمة صرحوا بكفر من سب الصحابة، وبعضهم صرح مع ذلك أنه يعاقب بالقتل، وإلى هذا القول ذهب بعض العلماء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية... اهـ.
ثم فصَّل القول في ذلك، وذكر طرفًا من أدلته، ويشتد الحكم ويقل الخلاف في حق العشرة المبشرين بالجنة، وأمهات المؤمنين ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: اختلف في ساب الصحابي، فقال عياض: ذهب الجمهور إلى أنه يعزر، وعن بعض المالكية: يقتل، وخص بعض الشافعية ذلك بالشيخين، والحسنين، فحكى القاضي حسين في ذلك وجهين، وقواه السبكي في حق من كفر الشيخين، وكذا من كفر من صرح النبي صلى الله عليه وسلم بإيمانه، أو تبشيره بالجنة إذا تواتر الخبر بذلك عنه، لما تضمن من تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وأما كلام الأخ السائل: فلا يريد به ـ كما هو ظاهر ـ أن يحكم على هذا الذي يريد الدخول في الإسلام بالكفر عينا، وإنما يريد أن الذي لقنه هذه الشهادة قد لقنه باطلا وسببا من أسباب الكفر ـ والعياذ بالله ـ وهذا المعنى الذي أراده السائل صحيح ولا شيء عليه فيه ـ كما تقدم بيانه ـ وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 112581، 174121، 108703.
والله أعلم.