عنوان الفتوى : ما جرى بين الصحابة من الدماء فعلى التأويل والاجتهاد
في ظل الحديث: "لأن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم" وما شابهه، فإنه في الحروب الإسلامية قد أريق الكثير من الدم، فكيف يتفق هذا مع الحديث المذكور؟ وما الحد الفاصل؟ وهل الحديث صحيح باستثناء الجهاد في سبيل الله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الدماء المشار إليها في السؤال لم تُرَقْ إلا بتأويل، فأصحابها كانوا يرون ذلك صوابًا، وهذا من معاني الفتنة؛ ولذلك نص جمهور أهل العلم على أن الدماء التي تصاب في مثل هذا القتال، لا قَوَدَ فيها؛ ولذلك روى الإمام الشافعي بإسناده عن الزهري قال: أدركت الفتنة الأولى في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت فيها دماء، وأموال، فلم يقتص فيها من دم، ولا مال، ولا قرح أصيب بوجه التأويل.
وقال المازري في المعلم بفوائد مسلم: ومعاوية من عدول الصحابة، وأفاضلهم، وما وقع من الحروب بينه وبين علي، وما جرى بين الصحابة من الدماء، فعلى التأويل والاجتهاد، وكل يعتقد أن ما فعله صواب وسداد.
وقد يختلف مالك، وأبو حنيفة، والشافعي في مسائل من الدماء؛ حتى يوجب بعضهم إراقة دم رجل، ويحرمه الآخر، ولا يستنكر هذا عند المسلمين، ولا يستبشع؛ لما كان أصله الاجتهاد، وبه تعبد الله عز وجل العلماء، وكذلك ما جرى بين الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في هذه الدماء. اهـ.
وراجع للأهمية الفتويين رقم: 40767، ورقم: 280717.
والله أعلم.