عنوان الفتوى : حكم دفع كفارة اليمين عن الغير دون علمه، وهل ينعقد اليمين باللحن بلفظ الجلالة
هل يجوز دفع كفارة اليمين عن أحد الوالدين دون علمه؟ بالرغم من أنه قد يحلف دون إظهار الهاء في لفظ الجلالة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجزئ إخراج الكفارة عن الوالد بغير إذنه، لأن الكفارة من الديون المتعلقة بحق الله، ويشترط لإخراجها النية، قال ابن رجب في القواعد: فأما ديون الله عز وجل كالزكاة والكفارة: فلا يرجع بها من أداها عمن هي عليه، وعلل القاضي ذلك بأن أداءها بدون إذن من هي عليه لا يصح، لتوقفها على نيته. اهـ.
وجاء في المنثور للزركشي: إذَا أَنْفَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ هَلْ يَرْجِعُ؟ هُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَنْ أَدَّى وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلا إذْنٍ بَرِئَ وَلا رُجُوعَ لَهُ بِلا خِلافٍ لَكِنْ هَلْ يَقَعُ فِدَاءً أَوْ مَوْهُوبًا لَهُ؟ وَجْهَانِ، وَهَذَا فِي دُيُونِ الآدَمِيِّينَ فَأَمَّا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَوَقِّفُ عَلَى النِّيَّةِ كَالزَّكَاةِ فَلا تَقَعُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَمِنْهَا الْكَفَّارَةُ وَهَكَذَا الْعَمَلُ الْبَدَنِيُّ إذَا صَامَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ لَمْ يَصِحَّ، لَكِنْ جَوَّزُوا الْحَجَّ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ, وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْ الأَصْلِ لاخْتِصَاصِهِ بِأُمُورٍ. اهـ. باختصار.
وفي كشاف القناع: وإن أخرج حر مسلم مكلف زكاة شخص أو كفارته من ماله ـ أي مال المخرج ـ بإذنه صح إخراجه عنه كالوكيل، وله أي المخرج الرجوع عليه إن نواه أي نوى الرجوع، لا إن نوى التبرع، أو أطلق، وإن كان إخراجه لزكاة غيره بغير إذنه لم يصح، لعدم النية من المخرج عنه المتعلق به الوجوب، كما لو أخرجها من مال المخرج عنه بلا إذنه لعدم ولايته عليه، ووكالته عنه. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: دَين اللّه الماليّ المحض كالزّكاة والصّدقات والكفّارات تجوز فيه النّيابة عن الغير سواء أكان من هو في ذمّته قادراً على ذلك بنفسه أم لا، لأنّ الواجب فيها إخراج المال وهو يحصل بفعل النّائب، وسواء أكان الأداء عن الحيّ أم عن الميّت، إلاّ أنّ الأداء عن الحيّ لا يجوز إلاّ بإذنه باتّفاقٍ، وذلك للافتقار في الأداء إلى النّيّة، لأنّها عبادة، فلا تسقط عن المكلّف بدون إذنه. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 54536.
وأما اللحن في الاسم الله كعدم إظهار الهاء، فلا يمنع انعقاد اليمين، ما دام الحالف يقصد اليمين بما نطق به، جاء في كشاف القناع: قال الشيخ ـ يعني: ابن تيمية: الأحكام من قسم وغيره متعلقة بما أراده الناس بالألفاظ الملحونة؛ كقوله: حلفت بالله رفعا ونصبا، كقوله: والله بأصوم وبأصلي ونحوه، وكقول الكافر: أشهد أن محمد رسول الله برفع الأول ونصب الثاني، وكقوله: أوصيت لزيد بمائة وأعتقت سالما ونحو ذلك، وقال: من رام جعل جميع الناس في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصح شرعا ـ وهو كما قال، لشهادة الحس به. اهـ.
والله أعلم.