عنوان الفتوى : سوق شبهات الليبرالين دون دحضها.. ضلال وإضلال

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

لدي حساب على الفيس بوك, وفي إحدى المرات وجدت منشورًا من شخص يدّعي أنه ليبرالي مسلم, ويكتب أشياء كثيرة عن نبينا الكريم, وهذه الأشياء بكل تأكيد خاطئة, وأريد الرد عليه, ولكنني لجأت إليكم لأنكم علماء, تستطيعون الإجابة عنها بشكل أفضل مني بكثير، وبالأدلة من الأحاديث النبوية الشريفة, وأنقل إليكم ما كتبه بالحرف, فقد أخذته نسخًا ولصقًا, وأنتظر ردكم سريعًا - إن شاء الله - حتى أستطيع الرد عليه, ولا يتلوث من آرائه البعض, فإليكم منشوره كما هو: "رسالة من ليبرالي متطرف إلى النبي: سيدي النبي: مساء الخير, فلا أرى أن نتشدد بقول: السلام عليكم, فنحن نعيش مع إخواننا المسيحيين, ولا بد أن نبادلهم تحيتهم, بالمناسبة هذا أول ما أعجب منه – سيدي - إذ لم نسمعك يومًا تقول: عمت صباحًا, وقد قدمت إلى المدينة وبها اليهود, سامحني أن رسالتي بها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب, فأنا كليبرالي مسلم لا أزال أستحيي من كثير من سنتك, لماذا لم تهنئ نصرانيًا ولا يهوديًا بعيده؟ لماذا لم نرك ولو مرة داخل كنيسة تحتفل معهم؟ للأسف: مضطرون إلى أن نكذب عليك, ونقول: إنك كنت تفعل ذلك, فسامحنا لأننا نكذب لمصلحة الإسلام, فلا بد أن يبدو الإسلام في عين غيرنا دينًا توافقيًا, هناك شيء آخر - يا سيدي - سمعنا أنك ذهبت تعود مريضًا يهوديًا يحتضر في بيته, فأمرته بأن يسلم أمام أبيه, لماذا - يا سيدي -؟ حرية العقيدة مكفولة, وكيف تقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار؟ لقد خدشت مشاعر إخواننا المسيحيين الذين نحاول أن نقنعهم بأنهم ليسوا كفارًا, حتى كلمة إخواننا المسيحيين لم نسمعها منك, مضطرون من جديد للكذب, سنقول لهم: إن النبي كان يعشق النصارى, سنخفي عنهم أنك حرمت زواج المسلمة من غير مسلم؛ حتى أهل الذمة والنصارى فهي ألفاظ يكرهها إخواننا, وتؤذي مشاعرهم, وسننحيها جانبًا, سؤال آخر - يا سيدي - كيف تطرد اليهود من المدينة؟ مهما فعلوا, لم يكن سليما أن تخل بالمواطنة, فالمسيحي المصري أقرب إلى المسلمين المصريين من المسلم السعودي, كيف - يا سيدي - ترى رجلًا يلبس خاتمًا من ذهب فتأخذه من يده وتطرحه أرضًا؟ نحن لسنا آلهة, وربنا هو الذي سيحاسب, فهل تسمح لي بأن أخفي هذا الحديث, فلو سمع به الغرب, أو الليبراليون زملائي, لغضبوا جدًّا, اعذرني, فكم من أحاديث لك اضطررنا للطعن في صحتها, وفي صحة صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما؛ كي نخرج تلك الأحاديث من صحيح الدين, هل تدرك - يا سيدي - معنى أن أذكر حديث: "من رأى منكم منكرًا فليغيره" أمام ليبرالي؟ وبعد أن أقنعت زملائي جميعهم بأن النبي جعل هذه الشعيرة فرضًا على الحاكم وحده, حرامًا على المحكوم؛ حتى سورة الكافرون سنلهي الناس عن أنها سميت بسورة "الكافرون" وأن الله أمرك بأن تناديهم في الآية الأولى بالكافرين, وسنقتطع الآية الأخيرة, ونضعها في سياق الرضا بالكفر, "لكم دينكم ولي دين" سنقول لإخواننا المسيحيين: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" دون أن نكمل الآية: "إنا أعتدنا للظالمين نارًا" أما الصحابة فالخجل منهم بلغ الذروة, فلن نذكر أن أبا بكر قاتل المرتدين؛ كي لا نخيف إخواننا الملحدين, وسنصور عمر بن الخطاب صانع حضارة, وسنصنع مسلسلًا لا يذكر دِرة عمر, والحمد لله لقد رزقنا الله بمستنيرين أمثال بلال فضل, يساوون بين فتح الأندلس واحتلال فلسطين, وإلا لحقت بنا المعرة للأبد, أنا مسلم - أقصد ليبراليًا مسلمًا - وأحبك - يا سيدي - لكنني أرى أن الدين علاقة بين الفرد وربه, لا يحق لأحد التدخل فيها, ولو كان خليفة, أو صحابيًا.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكاتب هذا المقال ليس ليبراليًا، وإنما أراد انتقاد الليبرالية بأسلوب إلزامي؛ ليظهر مباينتها للإسلام، وينبِّه على شيء من لوازمها ومخالفتها الصريحة للهدي النبوي, فساق كلامه بلسان حال أو مقال الليبراليين، ولذلك عنْوَنَ المقال: بـ (رسالة من ليبرالي متطرف إلى النبي) - صلى الله عليه وسلم - فكأنه يقول: إن فرضنا أن ليبراليًا خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسيكون كلامه على هذه الشاكلة الإلحادية.
ومن القضايا التي أراد صاحب المقال تناولها:
ـ قضية الحب في الله والبغض في الله، وعلاقة المسلمين بغيرهم، وما يتعلق بها من تهنئة النصارى ومشاركتهم في أعيادهم وكنائسهم.
ـ قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ـ كون الإسلام هو الدين الحق، وأن كل ما عداه باطل، وصاحبه كافر مخلد في النار - نسأل الله العافية -.

وهذه القضايا مما يميز الإسلام عن الليبرالية, بالإضافة إلى الأصل، وهو: تعظيم صاحب الشرع ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتسليم لحكمه، وإلا كان اتباعه ودعوى الإيمان به كاذبة. 

وعلى أية حال: فالذي نراه أن نقد الليبرالية بهذه الطريقة لا يجوز, فهي توحي للقارئ أن الكاتب يتبنى هذه الأفكار والمعتقدات المضادة للشرع، ولأنه يسوق شبهاتهم وأباطيلهم دون دحضها, والرد عليها, فقد يتسبب - من حيث لا يدري - في إضلال غيره فيبوء بإثمه.

والله أعلم.