عنوان الفتوى : الحرية الشخصية ليست مانعا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نقول بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فيقال هذه الأيام عن الحرية الشخصية، وأن الذي سيحاسب هو العاصي، وليست أنت، ويعتبر ذلك نقدا شخصيا له؛ فيرفضه، ويتصدى له، ويجادل، ويضيق صدره. فماذا نفعل؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه هي الحال، فليترفق الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، في تعريف صاحب المنكر أن ديننا يأمر بأن يحب المرء لأخيه، ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه. ويأمر ببذل النصح لمن يحتاجه.
وأن المنكرات والمعاصي، وتضييع حقوق الله تعالى، سبب البلاء والمحن، ونزول العقوبات الإلهية على المجتمعات، فينبغي أن نتعاون جميعا على إزالتها، والنهي عنها بقدر الطاقة، حتى ولو كان أصحابها لا يحبون ذلك، فالمجتمع سفينة واحدة، ينجو أو يهلك بالجميع.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 120438، 26198، 245887، 308446. وقد سبق لنا بيان خطورة الاحتجاج بالحرية الشخصية على اقتراف المعاصي، وذلك في الفتوى رقم: 105732.
ثم إن الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، ينبغي أن يعلم أن أمره، ونهيه سيترتب عليه ما يستدعي الصبر والمصابرة، كما قال الله تعالى: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17].
قال السعدي: لما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى، وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك، فقال: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ} الذي وعظ به لقمان ابنه {مِنْ عَزْمِ الأمُورِ} أي: من الأمور التي يعزم عليها، ويهتم بها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم. اهـ.
ومن جملة هذه المشقة ما يوجد من الإعراض عن قول الناصح، واستقباله بما يكره، فليصبر، وليحتسب.
والله أعلم.