عنوان الفتوى : ظهور المعاصي في الأمة نذير شؤم وعذاب
أثر الردائل في المجتمع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الرذائل لا تنتشر في مجتمع إلا أفسدته، وأحلت به عقاب الله وعذابه، وعندئذ يعم البلاء الصالح والطالح، كما قال تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {الأنفال:25}
قال ابن كثير: يحذر تعالى عباده المؤمنين فتنة ـ أي اختبارا ومحنة ـ يعم بها المسيء وغيره، لا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب، بل يعمهما حيث لم تدفع وترفع. ثم نقل عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب. قال: وهذا تفسير حسن جدا. انتهـى.
وعن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ـ وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها ـ قالت: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث. متفق عليه.
وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله عز وجل بعذاب من عنده. فقلت: يا رسول الله، أما فيهم يومئذ أناس صالحون. قال: بلى. قالت: فكيف يصنع أولئك؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان. رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز منهم وأمنع لا يغيرون إلا عمهم الله بعقاب. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
ومن أمثلة العقوبات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
وقد ضرب النبي للمجتمع ككل مثلا رائعا في حلول النقم عليه إذا فشت فيه الرذائل دون نكير، فقال صلى الله عليه وسلم: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا. رواه البخاري.
ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين: 52539 ، 117775.