عنوان الفتوى : تمني شخص بعينه للزواج و سؤال الله ذلك
هل يجوز للفتاة أن تتمنَّى شخصًا معيّنًا تدعو الله أن يكون من نصيبها؟ وهل يجوز لها أن تُحبّه؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
يقول الدكتور محمد البهي من علماء الأزهر رحمه الله:
مِن سِنِّ السابعة عشرة.. إلى سِنِّ الخامسة والعشرين، تكثُر أحلام اليقظة عند الشباب.
ويُساعد على كثرة هذه الأحلام لديهنَّ ـ بجانب تطلُّعات الشابّة إلى الزواج في هذه السِّن ـ مشاهدة الأفلام السينمائية، وفيها أبطال السينما في أدوارهم المختلفة، ولهم مظاهر الحياة المترَفة يسكنون في قصور.. ويركَبون السيارات الفخْمة.. ويتنقّلون بين المطاعم الشهيرة.. وأيديهم سخيّة في العطاء.. إلى غير ذلك من المناظر الخادعة. بالإضافة إلى استخدام وسائل التمويه في عَرْض أنفسهم في صور جميلة وأنيقة.
وليس هناك حرج إطلاقًا من أن تعيش الفتاة في حياة الأحلام فترة أو فتَرات. وقد يكون دخولها هذه الحياة هربًا من واقع أليم، وبذلك يكون علاجًا لحالة نفسية مؤقّتة عندها.
ولكن بتحليل تلك الأحلام ينتهي أمرها، إلى أن الاستغراق فيها يُبعد الفتاة عن واقع الحياة، كثيرًا، أو قليلاً، حسب طول المدّة التي تعيش فيها.. وربّما تسبب لها صدمة نفسية عنيفة، عندما ينكشف لها خداع الأحلام والأماني التي تمنَّتْها، والتي نسجت منها خيوط الحياة للأسرة المقبلة لها. فترى أنَّ كل شيء قد أصبح ولا واقع له تلمسُه بيدها.
على أنه من جانب آخر إذا ارتبطت الفتاة ـ في أمانيها وأحلامها ـ بشخص معيَّن، وأحبَّته، وسَعَتْ بالدعوات إلى الله، أو لغيرها للظَّفَر به. ماذا تصنَع لو لم تظفَر به؟ وماذا يكون وضعها أمام نفسها أولاً، إذا سعَت بوسيلة لا توفِّر لها الكرامة؟ وعلى حساب مَن، ومِن حياة مَن، يكون هذا الوقت الذي قد تبدَّد وذهب في غير صالِحها؟ إن ذلك كلَّه من غير شكٍّ. ضدها هي. ومَن يَدريها أنها لو حصلت عليه في النهاية تفاجأ مرة أخرى في حياتها الزوجية: أنه شَرُّ مَن تعاشِره امرأة.
والإسلام لا يرى للمرأة أن تسعى وراء الرجل، في الأحلام، أو في اليقظة على حد سواء.
ويرى على العكس أن الرجل هو الذي يجب أن يسعى إلى المرأة، ولها الخيار في قَبوله أو في رفضه. وهناك الخطبة.. وهناك المهر كلاهما من الأمارات الدالة على وجوب سعى الرجل إلى المرأة ورغبته فيها. وإذا كان للمرأة الخِيَار في قَبول الرجل، أو في رفضه فهنا شبه ضمان في عدم خداعها؛ لأنَّها ستتبع إحساسها الداخليّ بالكَراهة أو المَحبّة في رفضه أو في قَبوله.. كما ستتبع سبيل التروِّي ومشورة الأهل فيما تقرّره نحوه. وهنا كذلك ضمان أكيد لكرامتها؛ لأنَّها لم تُمتَهنْ بالسعي والجري وراء شخص خُيِّل إليها أنَّها تحبه.. ثم كانت خيبة أملها أنَّها لم تظفر به، أو كانت ذاتها بما أعطته من كرامتها.
أمّا استجابة الله للدَّعوات فذلك مرهون بأنْ تكون الدَّعَوات مُسايرة لما ينصَح به. وقد نصح في علاقة الأسرة المقبلة أن يكون تكوينها على أساس من سعي الرجل نحو المرأة، وليس العكس.
والله أعلم.