عنوان الفتوى : إذا نقصت قيمة العملة فهل يرد الدين بقيمته
أرجو التوفيق بين هذه الفتاوى: جاء على موقعكم الكريم في إحدى الفتاوى: وجاء في قرار مجمع الفقه في دورته المنعقدة ببروناي دار السلام بتاريخ: 6ـ 1993ـ الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى، على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها : وتكرر هذا المعنى في أكثر من فتوى على موقعكم الكريم، وعلى الرابط التالي يرد الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك:http://ar.islamway.net/fatwa/37161?ref=search
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك تواصلك معنا ونقدر ما أشرت به، لكن فيما يظهر لا يوجد تعارض بين ما ذكرته، لأن الفتاوى التي اشرت إليها في الموقع تبين حكم ربط الديون بقيمتها ابتداء في العقد، وهذا لا يجوز، فالأصل أنه إذا تم أخذ القرض فالواجب سداده بالعملة التي أخذ بها، ولا يجوز الاتفاق على ربطه بالقيمة ابتداء، وهذا ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها, فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار. انتهى.
وفيه أيضا: لا يجوز شرعا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي: الربط بمؤشر تكاليف المعيشة أو غيره من المؤشرات، الربط بالذهب والفضة، الربط بعملة أخرى، الربط بسعر الفائدة. انتهى.
وذكر المجمع في حيثيات القرار أن الربط بهذه الأشياء يؤدي إلى غرر وجهالة له بحيث لا يعرف كل طرف ماله وما عليه ويؤدي إلى عدم التماثل بين ما في الذمه وما يطلب أداؤه، وهذا كله يؤدي إلى الظلم والتنازع والاختلاف، وأما لو كسدت عملة الدين فلم يعد التعامل بها قائما أو نقصت قيمتها نقصانا يضر بالدائن، فهذا هو ما تم تناوله في الفتويين المذكورتين عن الشيخ الألباني والشيخ البراك، وليس موضوعهما الاتفاق في العقد على ربط الديون بالقيمة ابتداء، وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم متى يلجأ لقيمة الدين بدل العين التي أخذ بها، ولنا في ذلك فتاوى كثيرة بينا فيها خلاف أهل العلم وإن ذهبنا لرجحان من يرى لزوم رد مبلغ الدين بنفس عملته ما دام التعامل بها قائما، جاء في المجموع للنووي: يجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل، لأن مقتضى القرض رد المثل. انتهى.
وجاء في بدائع الصنائع: ولو لم تكسد ـ النقود ـ ولكنها رخصت قيمتها أو غلت لا ينفسخ البيع بالإجماع، وعلى المشتري أن ينقد مثلها عدداً، ولا يلتفت إلى القيمة هاهنا.
وهذا هو ما عليه جمهور أهل العلم، ولا اعتبار لما بلغته قيمة الدين وقت الأداء، فإذا كانت العملة التي تحدد بها الدين أصلا ما زالت موجودة ومتعاملا بها فالأمر ظاهر، وإن انعدمت وتعومل بعملة أخرى بدلها، فالواجب قيمة الدين بالعملة الجديدة وقت اجتماع استحقاقه وانعدام العملة، قال خليل بن إسحاق: وإن بطلت فلوس فالمثل، أو عدمت فالقيمة وقت اجتماع الاستحقاق والعدم.
وقالت طائفة من أهل العلم: إن الاعتبار عند رخص العملة بقيمته، وهو قول أبي يوسف من الحنفية وعليه الفتوى عند الحنفية، وهو أنه يجب على المدين أن يؤدي قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص يوم ثبوته في الذمة من نقد رائج
وذهب الرهوني من المالكية إلى أنه إذا كان التغير فاحشاً وجب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص، أما إذا لم يكن فاحشاً فالمثل، هذه هي الأقول في المسألة، والذي اخترناه منها في كثير من فتاوانا هو قول الجمهور مع حرصنا على تنبيه السائلين على أن حسن القضاء يقتضي مراعاة النقص عند قضاء الدين وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن خياركم أحسنكم قضاءً. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.