عنوان الفتوى : خطورة الهجرة لبلاد الكفر ومناظرتهم مع عدم التمكن من العلم الشرعي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شخص مسلم أعيش في الولايات المتحده مع أقاربي، وأحد أقاربي تعرض للتهديد من قبل مجموعة من الأمريكان في العمل نتيجة نقاش حول الدين مما سبب له عقدة نفسية كبيرة، وأخذ في البحث و

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا من مخاطر السكن ببلاد الكفر إن لم يكن عند الإنسان علم، فيظهر ضعيفا في حواره مع الكفار ثم يتأثر بشبهاتهم؛ ولذا نهى أهل العلم عن السكن ببلاد الكفر إذا لم يأمن الإنسان على نفسه وعلى دينه، وحضوا على ازدياد المسلم معرفة بدينه، حتى يكون مستيقنا بدينه وصلبا قويا أمام الشبهات، ومنعوا الدخول في مناظرات وجدالات مع الكفار إلا بعد التضلع والتمكن من العلم الشرعي، وإلا انقلب الجدال وبالا علي المجادل بغير علم، وأما عن وصف الإسلام بالدموي، وأن المسلمين كانوا ينشرون الإسلام بحد السيف: فهذا غير صحيح ويكذبه الواقع، فالمقرر في الإسلام عدم الإكراه على الدين، كما قال الله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ {البقرة: 256 }. وقال تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ {الكهف: 29 }.

ولكن المسلمين يدعون إلى دينهم ويبينون محاسنه, فمن رضي به دخل فيه, ومن لم يرض به دفع الجزية وبقي السلطان للمسلمين، ولملاءمة الإسلام للفطرة دخل فيه كثير من شعوب العالم، فوجدوا فيه الملاذ الآمن والعدل التام، ومن الواقع المشاهد في العهد النبوي أنه لم يمت إلا حدود الألف من الناس، بينما نرى الآن في الحروب المعاصرة يموت مئات الآلاف من الناس، وقد شوهد في العهد أنه آمن بالدعوة بعد الصلح مع قريش وإيقاف الحرب عشرة أضعاف من آمنوا قبل الصلح مع قريش، وإنما جاءت فكرة انتشار الإسلام بحد السيف من أعداء الإسلام للطعن فيه، ولتبرير احتلال بلاد المسلمين والتنكيل بأهلها ونهب خيراتهم وسلب حقوقهم.
 وأما العيش في بلاد الكفار: فقد قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: الإقامة في بلاد الكفار خطر عظيم على دين المسلم وأخلاقه وسلوكه وآدابه, وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك فرجعوا بغير ما ذهبوا به, رجعوا فساقا، وبعضهم رجع مرتدا عن دينه وكافرا به وبسائر الأديان ـ والعياذ بالله ـ حتى صاروا إلى الجحود المطلق والاستهزاء بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين, ولهذا كان ينبغي، بل يتعين التحفظ من ذلك ووضع الشروط التي تمنع من الهوي في تلك المهالك, فالإقامة في بلاد الكفر لا بد فيها من شرطين أساسيين:

الشرط الأول: أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ, وأن يكون مضمرا لعداوة الكافرين وبغضهم مبتعدا عن موالاتهم ومحبتهم, فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان، قال الله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ { المجادلة:22} وقال تعالى: يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ { المائدة:51ـ 52} وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن من أحب قوما فهو منهم, وأن المرء مع من أحب، ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطرا على المسلم، لأن المرء مع من أحب، ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطرا على المسلم، لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم, أو على الأقل عدم الإنكار عليهم, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب قوما فهو منهم.

الشرط الثاني: أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع, فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة, ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة، لوجوب الهجرة حينئذ, قال في المغني في الكلام على أقسام الناس في الهجرة: أحدها من تجب عليه, وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه, ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار, فهذا تجب عليه الهجرة، بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا { النساء: 97} وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب, ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه, والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته, وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. اهـ.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
درجات المجاهدين يوم القيامة
منهج تربية النفس للجهاد في سبيل الله
أجر الغازي الذي سلم ولم يغنم لايساوي أجر من سلم وغنم
حكم من يجاهد بغرض دخول الجنة ونيل أجر الشهادة
مؤلفات العلماء القدامى في فضل وأحكام الجهاد
هل جاء الرسول بالسيف رحمة للعالمين؟
الحكمة من جهاد المؤمنين للكافرين
درجات المجاهدين يوم القيامة
منهج تربية النفس للجهاد في سبيل الله
أجر الغازي الذي سلم ولم يغنم لايساوي أجر من سلم وغنم
حكم من يجاهد بغرض دخول الجنة ونيل أجر الشهادة
مؤلفات العلماء القدامى في فضل وأحكام الجهاد
هل جاء الرسول بالسيف رحمة للعالمين؟
الحكمة من جهاد المؤمنين للكافرين