عنوان الفتوى : حكم الموسوس إذا وقع في سب الله ورسوله
أتمنى منكم المعذرة، فأنا أعلم أن لكل واحد منا مشاكله في الحياة، لكن يعلم الله أن رسالتي هذه، أرسلها إليكم وأنا حزين، فاعذروني. وأسأل الله أن يمن علي، وعلى أمثالي بالطمأنينة. تعبت كثيراً مما أنا فيه، ولست قادرا على إعطاء ديني حقه كما ينبغي، ولست في رشدي الطبيعي. فقد سئمت بمعنى كلمة سئمت، مع أني ملتزم والحمد لله بقدر الإمكان، فالشكوك قتلتني، والتفكير دمرني وجعلني دمية. وأشعر أنني لست إنسانا. فأسأل: ماذا عن الصلاة إذا ما دمت أنا هكذا؟! أسأل نفسي دائماً أنني غير مقبول، وأن توبتي غير صحيحة؛ لأني قمت بإعادتها، وقد تكون أيضاً بسبب تلك الفترة التي كنت فيها لا أعمل، أو لا أجد ما يوازي شهادتي من عمل سوى مندوب مبيعات، وتركت العمل، ولا أرغب بالعمل بها، حتى عند التقديم لا أجد أحياناً مندوب مبيعات تناسبني، وأنتم تعرفون كيف هي مندوب مبيعات؟! وحتى إني قد كذبت عند تقديمي للعمل، لكن أسال الله أن يعفو عما سلف، ولا أريد الاسترسال في أمر عملي؛ لأن هذا سيأخذ وقتا أكثر. وقد فكرت في عمل مشروع من مال أبي إن شاء الله. فأنا لم أجد عملا منذ ما يزيد عن 6 سنوات، وإلى الآن ما زلت على هذا الحال والحمد لله. فذات مرة نتيجة الاكتئاب، والملل، والعصبية- وأنا أعلم أن هذا ليس مبررا لما أنا فيه- وطبعاًُ من عدم توفر عمل، وبدون زواج، وعدم توفر وقت أثبت فيه نفسي، فقد سببت الله، وتقريباً قد سببت رسوله، وأنا أسير في شارع، وكان تقريباً لا يوجد به أحد، وبصوت واضح نوعاً ما، أو مرتفع قليلاً. قمت بالسب. عافانا الله وإياكم عما حدث من هذه المصيبة، والكارثة، والذنب والمقت العظيم، التي تغلبت عليها نفسي، والشيطان، يا لرحمة الله الذي كان يقدر أن يخسف بي الأرض، أو يشل لساني لكن ماذا أقول! وماذا سأقول لرسول الله – اللهم صل وسلم وبارك عليك يا رسول الله –! فكيف سأضع وجهي في وجه إذا رزقني الله رؤيته يوم القيامة بعد فعلتي هذه! وقد قمت أيضاً بتكسير جزء من غرفتي بسب عصبيتي. وحالتي النفسية أتعبتني كثيراً، وكنت تقريباً أتناول علاجا نفسيا أقوم بشرائه من الصيدلية للاكتئاب، لكن عرفت بعد ذلك أن السب يعتبر ردة، ولم أكن أعلم ذلك، صدقوني كنت أظن أن مجرد الصلاة سوف تمحو عني هذا الذنب العظيم، وقد نطقت الشهادتين منذ فترة وجيزة، مع أن التزامي حالياًُ يزيد والحمد لله، وللعلم فإنني أطلقت اللحية منذ فترة؛ لأني أيقنت أن حكمها واجب، والحمد لله أريد أن أشعر بطعم الإيمان واستقامته، وأن أقرأ القرآن وأنا مطمئن، وغير ذلك من العبادات، وأن يهدأ فؤادي، وبالي. وبالنسبة للأرزاق فهي بيد الله، والحمد لله أن أبي يوفر لي احتياجاتي؛ لأن الله قد منحه المعيشة الميسورة والحمد لله، لكن المشكلة أنني نطقت الشهادة مرة أخرى حينما عرفت أن هناك من أهل العلم من قال إنه من المفروض أن يتبرأ الإنسان من الديانات الأخرى غير الإسلامية، وقد قمت بإعادة الشهادة مرة أخرى، وقلت بعد الشهادة: (إنني متبرئ من أي ديانة تخالف الإسلام أو دين الله) إلا أنني أتعامل مع دكتور صيدلي، أكن له الود، ويبادلني الود، لكنه نصراني- أسأل الله أن يرزقه الإسلام، ويثبتني أنا على إيماني- وفي بعض الأحيان يقوم بعمل خصم بسيط لي عندما أقوم بالشراء منه، ويعز أبي، ويحترمه. وفي بعض الأحيان أحتاجه في
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العافية لنا، ولك، وللمسلمين، وأن يعيذنا من شرك الشيطان ووسوسته.
وعليك أن تحمد الله تعالى الذي وفقك للتوبة، وعليك بالإعراض عن الوساوس الشيطانية، واشغل نفسك عنها بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والاشتغال بما ينفعك في أمر دينك ودنياك؛ لئلا تفسح المجال للشيطان، والهج بالدعاء والذكر؛ ليكشف الله عنك البلاء، كما يمكنك طلب الرقية الشرعية من بعض الصالحين، ويمكنك أن تراجع بعض الأطباء المختصين، فلعلهم يساعدونك.
واعلم أن ما يصدر من الموسوس ليس مخرجا من الملة إذا كان بسبب الوسواس القهري، فإن المصاب بالاكتئاب النفسي، أو الوسواس القهري، أو غير ذلك من الأمراض النفسية، إذا وصل به المرض إلى حد يغيب معه عقله، فإنه يكون وقت غياب عقله ممن رفع عنه القلم. أما إن كان السب قد صدر منه حال الاختيار، فذلك كفر- والعياذ بالله تعالى- ولكن التوبة مقبولة، والله يتوب على من تاب.
وأما التشهد مع صدق التوبة، والندم، والعزم على عدم معاودة السب، فهو كاف إن شاء الله.
وأما التعامل مع النصراني في المعاملات المالية، فلا حرج فيه. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة يتعاملون مع اليهود، ومع المشركين، ويقترضون منهم، ويؤجرونهم.
ويحسن أن تستشير إخواننا في قسم الاستشارات النفسية؛ لمساعدتك على الحالة النفسية التي تعاني منها.
وراجع الفتاوى الآتية أرقامها: 3086، 3171، 55678، 102447، 111084،116946، 117004 ، 118361.
والله أعلم.