عنوان الفتوى : هل التكليف مرفوع عن مرضى الوسواس القهري والاكتئاب
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث معناه أن القلم رفع عن ثلاث ومن بينهم المجنون حتي يفيق،فأرجو توضيح معنى الجنون المقصود في الحديث وإذا كان المقصود به هو غياب العقل فهل ينطبق هذا على المريض النفسي، كالمصاب مثلا بالكآبة المرضية (الاكتئاب النفسي) أو الفصام أو الوسواس القهري، علما بأن المرض النفسي ثابت عند أهل العلم من الأطباء وليس مجرد أوهام كما يتصور البعض، وأنه يكون مصحوبا بما يعرف باضطراب التفكير والنظر للأمور بطريقة غير طبيعية (وذلك بناء علي قول الأطباء وبناء علي تجربتي الشخصية)، وأنه ثابت بالدليل العلمي أن المرض النفسي في جميع الأحوال ناشئ عن أو على الأقل مصحوب باضطراب في كيمياء المخ أو ما يعرف بالناقلات العصبية في الدماغ أي أنه بالأساس عبارة عن مرض عضوي يعبر عن بعض قصور وخلل في المخ وفي غالب الأحوال لا يمكن التغلب على هذا الاضطراب إلا عن طريق العقاقير؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخرج أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق.
فالقلم مرفوع عن المجنون إلى أن يفيق أو يعقل، لأنه قبل الإفاقة فاقد لعقله والعقل هو مناط التكليف، والمصاب بالاكتئاب النفسي أو الوسواس القهري أو غير ذلك من الأمراض النفسية إذا وصل به المرض إلى حد يغيب معه عقله، فإنه يكون وقت غياب عقله ممن رفع عنه القلم.
وأما إذا لم يغب عقله، ولكنه صار في حالة عجز عن القيام بالتكاليف أو بعضها على وجه مخصوص فإن أصل التكليف بالعبادة لا يسقط عنه، ولكنه يرخص له في أدائها على الوجه الذي يستسيغه كأن يصلي جالساً إذا كان لا يستطيع القيام في الصلاة، وقد يسقط عنه بعض العبادات إذا عجز عنه بالكلية، كما هو الحال في العجز عن الصيام، وحينئذ ينتقل إلى البدل إن كان للعبادة بدل مثل الفدية في الصيام لمن عجز عنه عجزاً لا يرجى زواله والأصل في هذا قول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
والله أعلم.