عنوان الفتوى : من ثبت إسلامه بيقين فلا يزول عنه بالشك
يا شيخ: كنت في فترة من عمري في غفلة شديدة وبُعد عن تعلم الدين والجد في العمل، فكانت فترة من عمري سيئة جدا كنت أعمل فيها بالمعاصي وبعض المكفرات، ومن شدة جهلي كنت أجهل أنها مكفرة، أو كنت لا أبالي ـ والعياذ بالله ـ ثم بعد ذلك منَّ الله سبحانه عليَّ حيث بدأت أحس بخطورة الأمر وأخاف أن أموت على غير الإسلام ـ والحمد لله ـ في هذه الفترة الانتقالية من ذلك الجهل إلى العلم والتوبة والرجوع إلى الدين مررت بفترة ابتليت فيها بشيء من الوسوسة في باب الردة والإسلام ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ فكنت أفعل أو أقول أشياء ثم يتبين لي أنها كفر أو كنت أظن أنها كفر، فأسرع وأجدد إسلامي احتياطا، ظنا مني أنني خرجت منه ـ والعياذ بالله من ذلك ـ واستمر الحال إلى أن منَّ الله علي ثانية وقلَّت الوسوسة وذهبت عني نوعا ما، إلا أنه بقي شيء يسير منها، وهو أنني لا أذكر آخر مرة نطقت الشهادتين فيها وهل كان قبل أم بعد عملي للكفر ـ والعياذ بالله ـ والآن أريد أن أعلم ما أفعله في هذه الحالة، حيث لا أذكره ولا أجزم به، لكنني أجزم أنني أحب هذا الدين وأنني أخاف أن ألقى ربي ولست عليه، وبارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك الآن أن تحرص على زيادة إيمانك وتقواك وتمسكك بالطاعات، وأن تُعرِض إعراضا كليا عن التفكير في كونك كفرت ومتى كانت آخر مرة تلفظت فيها بالشهادتين قبل الكفر أم بعده، فهذا كله وسوسة، فلا تلتفت إليها.
واعلم أنه ليس الحكم بالكفر أمرا هينا، ومن ثبت إسلامه بيقين فلا يزول بالشك، وليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، وقد ذكر أهل العلم أيضا أن من حصل منه ما يحتمل الردة وغيرها لا يكفر بذلك، كما قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة ـ رواه الترمذي والحاكم. اهـ.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 49272، 128204، 170361.
والله أعلم.