عنوان الفتوى : حكم الدعاء بقول: اللهم امسح بيدك الشريفة على أبداننا
يقوم أحد المشايخ بالدعاء، وعندما يدعو بـ: اللهم امسح بيدك الشريفة على أبداننا، واشفها، يقوم بعض الناس بمسح أماكن الألم والمرض في الجسم. فما حكم هذا الدعاء؟ وما حكم ما يقوم به أولئك الناس؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء بهذا اللفظ لم نطلع على ما يفيد كونه مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ورد ذكره في كلام بعض السلف ولم نجد من أنكره.
فقد جاء في خزانة الأدب: وقال اللخمي في شرح أبيات الجمل: سئل أبو بكر الزبيدي عن قول القائل: مسح الله عنك بيمينه الشافية. أبالسين يكتب أم بالصاد؟ فقال: الذي أقوله وأعتقده، وأرويه، أنه بالسين لا بالصاد ... اهـ.
وحكى الإمام المحدث بقي بن مخلد -رحمه الله- أنه مرض، فجاءه الإمام أحمد يعوده فقال له: يا أبا عبد الرحمن أبشر بثواب الله ! أيام الصحة لا سقم فيها، وأيام السقم لا صحة فيها، أعلاك الله إلى العافية، ومسح عنك بيمينه الشافية، قال: فرأيت الأقلام تكتب لفظه. اهـ
ولو أن الإنسان التزم بالأدعية المأثورة، وجوامع الدعاء الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كان يدعو بها، ويستحبها، ويحض عليها، لكان أولى وأفضل. فقد جاء في مسند إسحاق بن راهويه عن عائشة: أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه في حاجة، وعائشة تصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة: عليك بالجوامع والكوامل، قولي: اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إني أسألك مما سألك منه محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك مما استعاذ منه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم ما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته لي رشدا. والحديث رواه الإمام أحمد في المسند بلفظ قريب من هذا، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
وفي سنن أبي داود عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. وصححه الألباني.
ومن الأدعية المأثورة في الأمراض ما في قوله صلى الله عليه وسلم: أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً. رواه البخاري ومسلم.
وأما المسح بيد المريض نفسه مع التأمين على دعاء الراقي، فلا حرج فيه؛ لأن المؤمن على دعاء غيره يعتبر داعياً أيضاً؛ بدليل أن الله تعالى قال في شأن موسى وهارون: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا(يونس: من الآية89)، وهارون لم يدع، وإنما أمَّن على دعاء موسى .
قال ابن كثير عند تفسيره قوله تعالى في شأن موسى وهارون: قال قد أجيبت دعوتكما: ومن سياق الكلام ما يدل على أن هارون أمَّن فنزل منزلة من دعا؛ لقوله تعالى: قد أجيبت دعوتكما. فدل ذلك على أن من أمَّن على دعاء كأنما قاله. انتهى.
وفي الدر المنثور للسيوطي: كان موسى يدعو وهارون يؤمن، والداعي والمؤمن شريكان. انتهى.
والمسح باليد مشروع عند ما يدعو العبد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص لما اشتكى إليه وجعاً يجده في جسده فقال له صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً ... وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. وفي رواية أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، بي وجع قد كاد يهلكني. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امسحه بيمينك سبع مرات، وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل ما كان بي، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم . رواه أبو داود وغيره .
والله أعلم.