أرشيف المقالات

شهادة غير المسلمين (هل تقبل شهادة الكافر؟)

مدة قراءة المادة : 22 دقائق .
2شهادة غير المسلمين (هل تقبل شهادة الكافر؟)   أولاً: تصوير المسألة: القضاء عنوان العدالة، والقَضاء يقوم على البيِّنات، ومنها الشهادة، ويُشترط في الشاهِد أن يكون مسلمًا، عدلاً، والكافر ليس أهلاً للشهادة، ولكن هل تُقبَل شهادة الكافر عند الضرورة استثناءً مِن أَصلِ العدالة؛ لأن الكافر ليس من أهل العدالة، كمَن يكون في سفر وحضره الموت ويَحتاج إلى أن يوصي، وليس ثمَّةَ مُسلِم يشهد له على وصيته، أتجوزُ شَهادة أهل الكفر الذين معه إن أوصى بوصيتِه، وتكون العدالة غير معتبرة في هذه الحال، أم لا تجوز لانتفاء العدالة لدى الكافر، وتبقى العدالة معتبرة في كل الأحوال؟   ثانيًا: تحرير محلِّ النزاع: 1 - اتفق الفقهاء على عدم جواز شهادة الكافر على المسلم أو للمسلم لا في سفر ولا في حضر؛ لأنَّ الكافر ليس أهلاً للشهادة[1]، واستدلَّ الفقهاء على ذلك، بما يلي: أ - قال تعالى: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141].   وجه الاستدلال بالآية: تنفي الآية الكريمة ولاية الكافر على المسلم، والشهادة نوع من أنواع الولاية؛ لأنه يترتب عليها حكم قضائي ملزم؛ ولهذا لا تجوز شهادة الكافر على المسلم؛ لما فيها من الولاية.   ب - قال تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ﴾ [البقرة: 282].   وجه الاستدلال بالآية الكريمة: الكافر ليس أهلا للشهادة؛ لأنه ليس مِن رجال المسلمين، حتى تُقبَل شهادتُه؛ لأنَّ الإضافة تُفيد التعريف، كما أنَّ الكفار ليسوا مرضيِّين منهم، ولهذا ليسوا من أهل الشهادة.[2]   2 - اختلف الفقهاء في شهادة الكافر على المسلم في الوصية في السفر عندما يحتاج المسلم إلى أن يوصي وهو على وشك الموت، وليس ثمة مسلم يشهد على وصيته إلا أهل الكفر، فهل تجوز شهادة أهل الكفر الذين معه إن أوصى بوصيته؟ بمعنى هل العدالة معتبرة في الشهادة في كل الأحوال، أم تنتفي وتكون غير معتبرة في حال الضرورة، ومعتبرة ومطلوبة في حال السعة والاختيار فقط؟   ثالثًا: منشأ الخلاف في هذه المسألة: يرجع الخلاف في هذه المسألة إلى تعارض الأدلة المتعلِّقة بها، وكيفيَّة الجمع بين هذه الأدلة، وذلك عن طريق التَّرجيح أو التأويل، أو التوفيق أو النسخ، وفي هذا تختلف أنظار المجتهدين.   رابعًا: آراء الفقهاء في هذه المسألة: اختلف الفقهاء في قبول شهادة الكافر على المسلم في موضوع الوصية في السفر إلى فريقين: الأول: ذهب جماهير الفقهاء إلى عدم صحة شهادة الكافر للمسلم أو على المسلم، لا في السفر ولا في الحضر، ويُنسب هذا الرأي إلى الحنفية والمالكية والشافعية[3]، واستدلوا على ذلك، بما يلي: أ - قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].   وجه الاستدلال بالآية الكريمة: تفيد الآية الكريمة عدم قبول رواية الفاسق، وكذلك شهادته، والكافر في ذلك من باب أولى؛ لأنه أفسق الفساق بكذبه على الله تعالى في العقيدة، فلا يؤمن الكذب منه بعد ذلك"[4].   ب - قال تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ﴾ [البقرة: 282].   وجه الاستدلال بالآية: الكفار ليسوا من رجال المسلمين، وليسوا مرضيين في الشهادة عند حكام المسلمين؛ لأنهم ليسوا عدولاً، ولهذا لا تقبل شهادتهم للمسلم أو على المسلم.   ج - قال تعالى: ﴿ لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [المائدة: 51].   وجه الاستدلال بالآية: تفيد الآية بوضوح حرمة ولاية أهل الكتاب على المسلمين، والشهادة ولاية، ولهذا لا تصح شهادة أهل الكتاب على المسلم أو للمسلم؛ لما فيها من الولاية المحرمة شرعًا.   د - قياس حق الوصية على الحقوق الأخرى، وخاصة المالية منها، والكافر لا تقبل شهادته للمسلم أو على المسلم في أي حق من الحقوق، وكذلك الوصية؛ إذ لا يوجد ما يستوجب التفريق بينهما في الحكم، كما أن أهلية الشهادة لا تتجزَّأ، ومَن لا يكون أهلاً للشهادة في حق من الحقوق لانعدام العدالة، لا يكون عدلاً في غيرها؛ لأن العدالة لا تتجزأ[5].   والفريق الثاني: ذهب الحنابلة والظاهرية إلى جواز قبول شهادة الكافر للمسلم أو على المسلم في الوصية عند فقد المسلم في السفر[6]، واستدلوا على ذلك، بما يلي: أ - قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 106 - 108].   وجه الاستدلال بالآيتين الكريمتَين: تُفيد الآية الكريمة الأولى صَراحة قبول شهادة الكافر للمسلم، أو على المسلم في الوصية، عند فقد المسلم حالة السفر للضرورة[7].   ب - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرَج رجل مِن بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء[8]، فمات السهميُّ[9] بأرض ليس بها مُسلم، فلما قَدما بتركته، فقدوا جامًا[10] من فضة مخوصًا[11] من ذهب فأحلفَهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وجدوا الجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلَفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما وأنَّ الجام لصاحبهم[12].   قال فنزلت فيهم: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ﴾ [المائدة: 106][13].   وجه الاستدلال بالحديث: يُفيد الحديث بوضوح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل شهادة عدي بن بداء وتميم وكانا على دين النصارى، وهذا دليل على جواز شهادة غير المسلم للمسلم أو على المسلم، وليس أدل على الجواز من الوقوع.   ج - اتفق الفقهاء على الأخذ بقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" والمسلم الذي أشرف على الموت في السفر، وهو مضطر فيه إلى الوصية في أمر الدين أو الدنيا، ولا يجد من يشهد من المسلمين على وصيته، وهذه حالة ضرورة خاصة، يترتَّب عليها جواز شهادة الكافر للمسلم أو على المسلم في مثل هذه الحال؛ لأنَّ للضرورات أحكامًا خاصة في الشريعة استثنائية اقتضتها الضرورة[14].   خامسًا: المناقشة والتَّرجيح: 1 - مناقشة أدلة المانعين: أ - الاستدلال بالآية الكريمة: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ﴾ [الحجرات: 6] الآية في غير محلِّه؛ لأنَّ الآية الكريمة تُشير إلى أصل عام متَّفق عليه، وهو عدم قبول شهادة الفاسق، والوصية في السفر حالة خاصة، جاء بها دليل خاصٌّ في سورة المائدة، يَستثْني هذه الحالة مِن حكْم الأصل العام، والذي يَقضي بعدم قبول شهادة الفاسق؛ ولهذا لا يوجد تعارُض بين الدليلَين، وإعمال الدليلَين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدِهما[15].   ب - الاستِشهاد بقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [البقرة: 282] الآية، في غير محلِّه؛ لأنَّ الآية الكريمة تُشير إلى أصْل عام متَّفق عليه، وهو قبول شهادة العدول من الرجال والنساء من المسلمين، والوصية في السفر حالة خاصَّة، جاء فيها حكم جزئي خاص، ولا تعارُض بين الأدلة في ذلك، يقول ابن حزم: "فوجَبَ أخذ حكم الله تعالى كله، وأن يُستثنى الأخصُّ مِن الأعمِّ؛ ليتوصل بذلك إلى طاعة الجميع، ومن تعدى هذا الطريق فقد خالف بعض أوامر الله تعالى وهذا لا يحلُّ"[16].   ج - الاستشهاد بقوله تعالى: ﴿ لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [المائدة: 51] الآية، غير صحيح؛ لأن الآية الكريمة تشير إلى أصل عام متَّفق عليه، وهو عدم جواز ولاية الكافر على المسلم، وهذا الأصل لا يتعارض مع الوصية في السفر؛ لأنها حالة خاصة اقتضتها الضرورة، وجاء حكم جزئي خاص بها، فليس بينهما أي تعارض أو تخالُف، وطاعة الله تقتضي العمل بجميع الأدلة، ومن تعدى هذا الطريق فقد خالف بعض أوامر الله تعالى، وهذا لا يحلُّ[17].   د - قياس شهادة الكافر على شهادة الفاسق، وحق الوصية على الحقوق الأخرى قياس غير صحيح؛ لأنه لا قياس في مورد النص، وحيث ورد النص فلا يلتفت إلى القياس، ويجب العمل بما قرره النص، ولهذا يجب العمل بشهادة الكافر تمسكًا بالآية والحديث الواردين في ذلك، وهذا يعني أن عدالة الكفار غير مُعتبَرَة في هذه الحال[18].   2 - مناقشة أدلَّة المُجيزين: أ - الاستدلال بقوله تعالى: ﴿ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ﴾ [المائدة: 106] استدلالٌ غيرُ صحيح؛ لأن هذا الاستدلال يتطرق إليه الاحتمال، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال في محل النزاع سقط الاستدلال به، ومن هذه الاحتمالات ما يلي: 1 - النَّسْخ، والناسِخ لهذه الآية هو قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [البقرة: 282][19].   2 - التَّأويل؛ وذلك مِن وجهَين: الأوَّل: معنى قوله تعالى: ﴿ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ﴾ [المائدة: 106]؛ أي: مِن غير قبيلتكم، وبهذا تدل الآية على غير ما استدلَّ به المُجيزون[20].   والثاني: معنى الشهادة في قوله: ﴿ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ [المائدة: 106] اليمين، وقد وردتِ الشَّهادة بمعنى اليمين في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ﴾ [النور: 6].   ب - الحَديث الوارد في هذه المسألة، هو سبب نزولِ الآية، وهو يتبع لها في حكم النَّسخ.   ج - أما حالة الضرورة فقد انتهت؛ لأنه عند نزول آية المائدة لم يكن الإسلام إذ ذاك إلا في المدينة، ولكنَّه اليوم قد عمَّ الأرض كلها، فسقطتْ شهادة الكفار[21].   3 - التَّرجيح: أرى بعد استعراض أدلة الفقهاء في هذه المسألة، أن رأي الظاهرية والحنابلة في هذه المسألة أولى بالقبول والاتباع؛ لقوَّة الأدلة الواردة فيها من القرآن والسنة، وهي أدلَّة محكَمة؛ لأن سورة المائدة من آخر ما نزَل من القرآن الكريم، وإعمال الدليلَين أولى من إهمال أحدهما[22]، وحالة الضرورة ما زالت قائمة؛ لأنَّ بعضًا من المسلمين، يُسافِر ويختلِط بالكافرين، ولهذا يَبقى حكم آية المائدة قائمًا، كلَّما دعت الضرورة إلى شهادة الكافر، حتَّى لا تضيع حقوق المسلمين؛ لأنَّ الأمر إذا ضاق اتسع، وإذا اتسع ضاق، والإسلام يعالج بأحكامه كل الظروف والأحوال.   سادسًا: ثمرة الاختلاف في هذه المسألة: الاختلاف بين الفقهاء في هذه المسألة، أعطى الحاكم المسلم سلطة تقديريَّة في ذلك؛ ليقرِّر ما يراه مناسبًا، وفق ما تقتضيه المصلَحة في كل زمان ومكان.   سابعًا: هل تقبل شهادة المرأة في هذه المسألة: أرى قبول شهادة المرأة في هذه المسألة، عملاً برأي ابن حزم الظاهري، وابن قيم الجوزية[23]؛ لأنَّ الضرورة تقتضي ذلك، يقول ابن حزم: "ولا يجوز أن يقبل كافر أصلاً على كافر، ولا على مسلم حاش الوصية في السفر فقط، فإنه يقبل في ذلك مسلمان أو كافران من أي دين كانا، أو كافر وكافرتان، أو أربع كوافر، ويحلف الكفار ههنا مع شهاداتهم، ولا بدَّ بعد الصلاة، أيَّ صلاة كانت، ولو أنها العصر، لكان أحبَّ إلينا، بالله لا نشتري به ثمنًا، ولو كان ذا قربى، ولا نَكتُم شهادة الله، إنا إذًا لمن الآثمين، ثم يحكم بما شهدوا به، فإن جاءت بينةٌ بأن الكفار كذبوا، حلف المسلمان الشاهدان، أو المسلم والمرأتان، أو الأربع نسوة بالله، لشهادتنا أحق من شهادة أولئك، وما اعتدينا إنا إذًا لمن الظالمين، ثم يفسخ ما شهد به الكفار"[24].   ثامنًا: رأي القانون المستمَد من الفقه الإسلامي: أعطى المشرع الإماراتي - وكذلك الأردنيُّ - القاضي سلطةً تقديرية مُقيَّدة بالمصلحة المعتبرة شرعًا، والتي تتمثَّل في حفظ الحقوق، تحقيقًا للعدالة في أوسع صورها، وحيثما تحقَّقت المصلحة المعتبرة شرعًا، فثمَّ شرع الله ودينه، ولهذا لم ينظِّم القانون أو ينص على أحكام خاصة في هذه المسألة، ومنَح القاضي سلطة تقيدرية في ذلك مقيدة بالمصلحة، وفيما يلي ذكر بعض المواد القانونية التي تؤكد ذلك: أ- المادة (2) يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله إلى قواعد وأصول الفقه الإسلامي.   ب- المادة (37) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية: يَجوز الإثبات بشهادة الشهود، فيما كان يجب إثباتُه بالكتابة في الأحوال الآتية، ومنها فقرة (4) إذا رأت المحكَمة لأسباب وجيهة السماح بالإثبات بالشهادة.   ج- المادة (39) فقرة (3) وإذا أذنت المحكمة لأحد الخصوم بإثبات واقعة بشهادة الشهود، كان للخصم الآخر الحقُّ في نفيها بهذا الطريق.   د- فقرة (4) وللمحكمة - من تلقاء نفسها - أن تقضي بالإثبات بشهادة الشهود في الأحوال التي يُجيز القانون فيها الإثبات بهذا الطريق، متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة، كما يكون لها في جميع الأحوال - كلما قضت بالإثبات بشهادة الشهود - أن تستدعي للشهادة مَن ترى لزومًا لسماع شهادته إظهارًا للحقيقة.   وبهذا يتبيَّن أنَّ شهادة غير المسلم على المسلم أو للمسلم، تجوز في كل ضرورة، في حضر أو سفر، وللقاضي سلطة تقديرية في ذلك[25].


[1] الكاساني: البدائع (6 / 266)، وابن رشد: بداية المجتهد (2 / 463)، والشربيني: مغني المحتاج (4 / 427)، وابن قدامة: المغني (9 / 182)، وابن حزم: المحلى (9 / 405). [2] د.
سعيد بن درويش: طرائق الحكم المتَّفق عليها والمختلف فيها من الشريعة الإسلامية (ص: 54). [3] الكاساني: البدائع (6 / 266)، وحاشية الدسوقي (4 / 165)، والشافعي: الأم (7 / 16) والشربيني: مغني المحتاج (4 / 427)، وابن قدامة: المغني (9 / 182)، والشاشي القفال: حلية العلماء (8 / 428). [4] د.
محمد البوطي: محاضرات في الفقه المقارن (ص: 187)، ود.
سعيد الزهراني: طرائق الحكم (ص: 59). [5] الشافعي: الأم (7 / 16، 17)، والشربيني: مغني المحتاج (4 / 427)، وابن جزي: القوانين الفقهية (ص: 202)، ومحمد عليش: منح الجليل (4 / 232).
[6] ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 182)، وابن حزم: المحلى (9 / 405).
[7] د.
محمد سعيد البوطي: محاضرات في الفقه المقارن (ص: 183)، د.
سعيد الزهراني: طرائق الحكم المتفق عليها والمختلف فيها (ص: 55). [8] بَدَّاء: بفتح الباء وتشديد الدال وفتحها، ومات عدي بن بداء نصرانيًّا. [9] السهمي: هو بديل بن أبي مارية السهمي. [10] جامًا: إناء.
[11] مخوصًا: منقوشًا.
[12] أبو داود: سنن أبي داود (4 / 30).
[13] ابن حزم: المحلى (9 / 405) وما بعدها، ود محمد سعيد البوطي: محاضرات في الفقه المقارن (ص: 184). [14] ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 182) وما بعدها. [15] ابن حزم: المحلى (9 / 406).
[16] ابن حزم: المحلى (9 / 406).
[17] ابن حزم: المحلى (9 / 406) وما بعدها، وابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 182)، ود.
محمد سعيد البوطي: محاضرات في الفقه المقارن (ص: 189). [18] ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 193).
[19] انظر: ابن العربي: أحكام القرآن (1/ 251) وما بعدها، والقرطبي: أحكام القرآن (6/ 351). [20] القرطبي: أحكام القرآن (6 / 350)، وابن العربي: أحكام القرآن (2 / 713) وما بعدها. [21] د.
محمد سعيد البوطي: محاضرات في الفقه المقارن (ص: 188). [22] ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 186). [23] ابن حزم: المحلى (9 / 405)، وابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 193). [24] ابن حزم: المحلى (9 / 405). [25] ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 176) وما بعدها، وابن العربي: أحكام القرآن (2 / 722) وما بعدها، ود.
عبدالكريم زيدان: نظام القضاء في الشريعة الإسلامية (ص: 176).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣