عنوان الفتوى : مدى جواز الهبة للولد إن قصد الواهب حرمان الورثة
أنا وحيدة أبي، وعمري 25 سنة ومتزوجة، وليس لي إخوة أو أخوات، توفيت والدتي ولم أحصل على نصيبي من ميراثها بسبب ظلم خالي، ووالدي الآن متزوج وزوجته لا تنجب حسب قول الطبيب وهو مقيم معها في البيت الذي كنا نقيم فيه ـ أنا ووالدتي ـ ووالدي كان مسافرا معظم الوقت ولم يستقر إلا منذ سنتين عندما تزوجت، وهو ميسور الحال جدا والحمد لله بسبب عمله بالخليج لفترة طويلة، وله ستة إخوة ـ أختان شقيقتان، وأربعة غير أشقاء ـ إخوة من الأب ـ ذكران وأنثيان، وإخوته ينتهزون كل فرصة للحصول على أكبر قدر ممكن من أمواله وممتلكاته وهو على قيد الحياة، وأنا أخشى على والدي وعلى شقاء عمره من طمع إخوته فيه، طلبت أمي ـ رحمها الله ـ قبل مماتها من أبي مرات كثيرة جدا أن يؤمن مستقبلي بأن يكتب لي أي شيء خوفا من حدوث نزاع بيني وبين بقية إخوته، لأنها كانت تعلم جيدا أنني لن أستطيع الحصول على أي شيء منهم كما حدث لها مع أخيها، وأنا الآن متزوجة ـ والحمدلله ـ وعندي ابن ونعيش على مرتب زوجي وكثير من معارفنا يطلبون منه أن يهب لي أي شيء يؤمن مستقبلي خوفا من أن يستحوذ إخوته على ممتلكاته سواء في حياته أو لا قدر الله بعد رحيله، ولكنه دائما يرد بأنه لا يريد أن يعذب في قبره ويريد أن يطبق الشرع في الميراث بعد رحيله، فهل حرام أن يهب لي أبي الشقة التي كنا نعيش فيها أنا وأمي ـ والتي يعيش فيها الآن مع زوجته ـ بأن يكتبها لي بعقد مسجل في الشهر العقاري؟ وإذا كان حلالا ومشروعا فكيف أجعله يفعل ذلك؟ وهل أحدثه بنفسي، لأنني أخشى أن يفهم كلامي خطأ وأنني أطمع فيه، وهل إذا كتب شقة باسمي يكون لي حق الإرث في بقية ممتلكاته بعد عمر طويل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيجوز لوالدك في الأصل أن يهب لك ما يشاء في حياته وحال صحته، وإذا حزت ما وهبه لك في حياته صار ملكا لك وترثين ما بقي من تركته بعد مماته, وقد ذكر أهل العلم أن الهبة المنجزة في حال صحة الواهب تمضي ولا حرمة فيها ولو كانت بقصد حرمان الورثة، كما قال الشبراملسي الشافعي في حاشيته على نهاية المحتاج، إذ قال: أَمَّا مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الصِّحَّةِ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا وَلَا حُرْمَةَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ... اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 117337.
وأما كيف تجعلينه يهب لك الشقة: فهذا يختلف باختلاف الناس واختلاف الحال، ولا شك في أنك أنت أدرى بوالدك وبالطرق التي يسهل الدخول إليه منها.
والله أعلم.