عنوان الفتوى : وقف صفحة دينية على الفيس بوك وجعلها صدقة جارية
فتحت صفحة دينية على الفيسبوك، كصدقة جارية لي. هل يجوز ذلك؟ وإذا جاز الأمر هل يجب أن أعلن في الصفحة أنها صدقة جارية لي؟ وجزاكم الله خيراً، ونفع بعلمكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الجارية محمولة عند أكثر العلماء على معنى الوقف؛ لأن أصله يحبس ويتصدق بمنفعته، فيظل أصله باقياً، وهذا هو سر تسميته بالصدقة الجارية، كما سبق بيانه في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 43607، 111349، 10668، 25556، 59611، 109125.
وقال القاري في (المرقاة): يجري نفعها فيدوم أجرها كالوقف في وجوه الخير. وفي (الأزهار): قال أكثرهم: هي الوقف وشبهه مما يدوم نفعه، وقال بعضهم: هي القناة والعين الجارية المسبلة. قلت: وهذا داخل في عموم الأول، ولعلهم أرادوا هذا الخاص لكن لا وجه للتخصيص. اهـ.
ومثل هذه الصفحة لا يجري عليها أحكام الوقف، فإن جمهور العلماء ينصون على عدم جواز وقف المنفعة، ويشترطون تأبيد الوقف. ومن المعلوم أن هذه الصفحة يمكن أن تغلقها إدارة الموقع، ويمكن أن تقرصَن، أو تسرق ويتحكم فيها غير صاحبها، أو يحصل غير ذلك مما يعطل منافعها.
وعلى أية حال، فليست الصدقة الجارية هي السبيل الوحيد لإجراء الثواب على الميت بعد موته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم. قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها؛ فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية، وهي الوقف. اهـ.
وعلى ذلك، فإن كانت هذه الصفحة سبيلا لتعليم العلم النافع، فلصاحبها ثوابها ما بقي أثر هذا العلم.
ولا يشترط لحصول هذا الثواب أن تعلن في الصفحة أنه صدقة !! وحسبك مع النية الحسنة أن يكون بها من العلم النافع والمواعظ الحسنة ما ينتفع به زائرها.
والله أعلم.