عنوان الفتوى : المفاضلة بين الذكر والصلاة على النبي وقراءة القرآن
هل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل أم ذكر الله تعالى؟ وهل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مِن ذكر الله تعالى؟ وهل هناك ذكر معين بعد شرب الماء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الأذكار التي ثبت الترغيب فيها, لكنها ليست أفضل الذكر, بل أفضله على الإطلاق تلاوة القرآن, إلا إذا كان هناك ذكر مقيد بوقت معين فهو أفضل.
جاء في المجموع: وقد نقل الشيخ أبو حامد في تعليقه في هذا الموضع أن الشافعي نص أن قراءة القرآن أفضل الذكر.
ومما يستدل به لتفضيل قراءة القرآن حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الرب سبحانه وتعالى: (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين, وفضل كلام الله سبحانه وتعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه) رواه الترمذي, وقال: حديث حسن, والأحاديث في ترجيح القراءة على الذكر كثيرة, فإن قيل: فقد ثبت عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله تعالى؟ إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده) رواه مسلم, وفي رواية لمسلم أيضًا عن أبي ذر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أي الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده), وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, لا يضرك بأيهن بدأت) رواه مسلم, والجواب: أن المراد أن هذا أحب كلام الآدميين وأفضله, لا أنه أفضل من كلام الله, والله أعلم. انتهى
أما إذا كان للذكر سبب معين يقتضي تفضيله - كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلتها, وإجابة المؤذن, والأذكار المأثورة بعد الفريضة - فصرف الوقت فيه - حينئذ - أفضل, جاء في مطالب أولي النهى ممزوجًا بغاية المنتهى - وهو حنبلي -: ويتجه أن صرف الزمان فيما ورد أن يتلى فيه من الأوقات ذكر خاص - كإجابة المؤذن والمقيم, وما يقال أدبار الصلوات, وفي الصباح والمساء, والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة - أفضل من صرفه في قراءة القرآن تأدبًا بأن يفضل شيء عليه، وهو اتجاه حسن، بل مصرح به في مواضع من كلامهم. انتهى.
وجاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين: سئل فضيلة الشيخ: أيهما أفضل الذكر أم قراءة القرآن؟ فأجاب فضيلته بقوله: المفاضلة بين الذكر والقرآن، فالقرآن من حيث الإطلاق أفضل من الذكر, لكن الذكر عند وجود أسبابه أفضل من القراءة، مثال ذلك: الذكر الوارد أدبار الصلوات أفضل في محله من قراءة القرآن، وكذلك إجابة المؤذن في محلها أفضل من قراءة القرآن, وهكذا. انتهى
وفي فيض القدير للمناوي: فتلاوته أفضل الذكر العام بأن لم يخص بوقت أو محل, أما ما خص بأن ورد الشرع به فيه فهو أفضل, وأما إذا لم يكن للذكر سبب يقتضيه: فإن قراءة القرآن أفضل. انتهى وراجع المزيد في الفتوى رقم: 182167, والفتوى رقم: 97628, والفتوى رقم: 21892 ففيها فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترغيب فيها.
وبخصوص الدعاء بعد شرب الماء: فينبغي لمن شربه أن يحمد الله تعالى بعد الشرب؛ لدخول ذلك في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا, أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا. رواه الإمام مسلم, وغيره.
وهناك بعض صيغ الحمد الواردة في بعض الأحاديث الضعيفة, جاء في السلسلة الضعيفة للشيخ الألباني: كان إذا شرب الماء قال: الحمد لله الذي جعله عذبًا فراتًا برحمته، ولم يجعله ملحًا أجاجًا بذنوبنا. ضعيف, رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (1/ 8/ 2)، وأبو نعيم (8/ 137) عن جابر، عن أبي جعفر مرفوعًا, قلت: وهذا سند ضعيف جدًّا. انتهى.
والله أعلم.