عنوان الفتوى : إلى من ينسب أولاد زوجة مسلمة أنجبتهم من زوج كتابي
امرأة مسلمة تزوجت من رجل من أهل الكتاب, وأنجبت أطفالًا منه, فهل هؤلاء الأطفال ينسبون إلى الأب أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النكاح حرام وباطل بإجماع الأمة، والدليل على حرمته قول الله تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة:221}, قال الطبري في تفسيره: يعني تعالى ذكره بذلك، أن الله حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركًا كائنًا من كان المشرك، ومن أي أصناف الشرك كان، فلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم، فإن ذلك حرام عليكم، ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك، ولو شرُف نسبه وكرم أصله، وإن أعجبكم حسبه ونسبه. اهـ.
وممن حكى الإجماع القرطبي في تفسيره حيث قال: وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه؛ لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ، وَلَا يَتَزَوَّجُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَةَ.
فعلى هذه المرأة - إن كانت حقًا مسلمة - أن تمتثل حكم الله تعالى, وأن تفارق هذا الرجل المشرك، وإلا كانت محادة لله ورسوله, متعرضة لمقت الله وغضبه وشدة عقابه، وكانت بهذا الوطء زانية مجاهرة بالزنا - عياذًا بالله -.
وأما الأطفال: فيختلف حكمهم في نسبتهم لأمهم, أو للناكح الكتابي؛ فإن كان الرجل يعتقد صحة هذا النكاح فإنهم ينسبون إليه, مع حكمنا ببطلان النكاح، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ اعْتَقَدَ الزَّوْجُ أَنَّهُ نِكَاحٌ سَائِغٌ إذَا وَطِئَ فِيهِ, فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيهِ وَلَدُهُ, وَيَتَوَارَثَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ, وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ بَاطِلًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ, سَوَاءٌ كَانَ النَّاكِحُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا.
وأما إن كان الرجل الناكح يعتقد عدم صحة نكاحه للمسلمة؛ فإن الأطفال لا ينسبون إليه، ولكن ينسبون إلى أمهم, هذا من حيث النسب، وأما من حيث دينهم فإنهم يلحقون بأمهم, وتجري عليهم أحكام الإسلام, وانظر لمزيد من الفائدة الفتويين التاليتين: 71438، 69754.
والله أعلم.