عنوان الفتوى : حكم منع الزوج لامرأته من العمل
جزاكم الله خيرا، ونفع الله بكم، ورزقنا وإياكم الإخلاص. أنا فتاة متزوجة منذ عام تقريبا، حدثت بيني وبين زوجي خلافات كثيرة خلال هذا العام، على الرغم من أنه سافر بعد الزواج بشهرين ولم يستطع الرجوع إلى الآن، وأغلب الخلافات حدثت أثناء الحديث عبر الإنترنت، والسبب الرئيسي فيها الاختلاف في الطباع بيني وبينه. والتنشئة والتربية، فهو قضى كثيرا من عمره في السعودية، ودائما يرى أن المجتمع في مصر مجتمع منحل، وبه كثير من التسيب والانحلال، ويرغب في أن يكمل ما بقي من عمره بالسعودية، وأنا معه. أنا التزمت بعد تخرجي من الجامعة الحمد لله بحجابي، وكنت أحفظ القرآن، وأحاول قدر المستطاع أن أتعلم ديني، ووافقت على الزواج منه لما علمت عنه من التزام وتمسك بالدين، وكنت أخشى التشدد ولكن لم يتضح لي أي شيء به تشدد قبل الزواج, ولكن بعد ذلك حدث أكثر من شيء أوضح لي ذلك، وأكثر من خلاف بيني وبينه أوصلنا للطلاق. وكان إذا غضب لمح لي في كلامه أنه إذا لم أكن له كما يحب قد لا يستطيع العيش معي، ويطلقني. تكرر هذا الأمر حتى أوصلني لنوع من التعب النفسي، وكأنها فوبيا، أصبحت أشعر أن حياتي في أي لحظة قد تنتهي، أقصد حياتي الزوجية, الذي كان يحب أن أكون عليه هو أن أكون كالأمية التي لم تتعلم ولم تذهب للجامعة، وأني فقط لا أقول له إلا حاضر ونعم فقط، رغم أن ما كان يفعله من تشدد في بعض الأمور كان يستدعي أن أناقشه فيه. بعد عدة خلافات شعرت أنني لا أستطيع أن أكمل، وأنني لن أرتاح معه ولن يرتاح معي، وأخبرته بذلك، وحاول أن يصحح ما فعل ويعتذر. وأخبرني أنه تغير، وأنه لن يتشدد في شيء بعد ذلك بدون دليل، ولن يمنعني من شيء مباح. أنا الآن بعد ما حدث، وبعد ما عانيت من تعب بسبب التهديد بالطلاق أكثر من مرة أرغب في العمل، وأهلي اشترطوا ذلك حتى نرجع وأخبرته بذلك وهو يعلم سبب رغبتي هذه. من بداية الزواج لم أطلب العمل، وأنا لا يخطر ببالي أنه قد يأتي علي مثل هذه المواقف معه، وكنت أحسن الظن به لدرجة كبيرة جدا، وكانت هذه رغبته أن زوجته لا تعمل، ولكن بعد ما حدث أخبرته بذلك، وأني سأبحث إن شاء الله عن عمل مناسب بعيد عن الاختلاط حتى أنني أخبرته أنه قد يكون هذا العمل معلمة قرآن في مجموعات نساء بعد أن أختم حفظي إن شاء الله، ولكنه رفض. في بداية الأمر عند ما كان يحاول أن يرضيني، وطلب مني أن أسامحه على ما فعل بي، وما كان منه من تشدد بدون دليل، قال لي: انتظري حتى آتي ونتحدث في أمر العمل هذا، ولكني كنت أشعر أنه يقول ذلك فقط حتى تهدأ الأمور وأتراجع عن قراري، وتأكدت من ذلك عند ما تحدثت معه، وأخبرته بأن ذلك شرط لي ولوالدي، وأن هذا الشرط سيكون مكتوبا حتى يلتزم به. قال أنا لا أقبل بعملك في مصر ولا أن تكملي دراستك، ولكن إذا رجعنا إلى السعودية لا مانع عندي، مع العلم أن إقامته بالسعودية الآن انتهت، وسيعود إلى مصر وينتظر حتى تتحسن ظروفه ليبحث عن فرصة سفر مرة أخرى. أنا أحتاج للعمل لأكثر من سبب، قد لا يكون ماديا ولكن نفسيا. فما رأيته أشعرني بعدم الطمأنينة، وجعلني أشعر دائما بالخوف، وموقفه هذا أشعرني أنه لم يتغير، كما أخبرني أن شخصيته كما هي ويتشدد في أمر قد لا يستدعي ذلك. هل له أن يمنعني من العمل رغم حاجتي له وشعوري هذا، مع أني قرأت فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله تجيز العمل إن كان في موقع بعيد عن الاختلاط قدر المستطاع، وأرسلتها له، وقرأها، ولكن موقفه كما هو؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لم تشترطي على زوجك -في عقد النكاح- الخروج للعمل، فمن حقّ زوجك أن يمنعك منه، فإنّ المرأة لا يجوز لها أن تخرج من بيتها لغير ضرورة إلا بإذن زوجها، ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ .
قال الباجي: قَوْلُهُ: لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ. دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ لَا خُرُوجَ لَهُنَّ إِلَّا بِإِذْنِهِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ لَخُوطِبَ النِّسَاءُ بِالْخُرُوجِ وَلَمْ يُخَاطَبْ الرِّجَالُ بِالْمَنْعِ. المنتقى - شرح الموطأ -
وجاء في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: وليس له منع زوجته من التجارة، وله منعها من الخروج.
وقال الرحيباني (الحنبلي): ( وَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ: ( بِلَا إذْنِهِ ) أَيْ: الزَّوْجِ ( أَوْ ) بِلَا ضَرُورَةٍ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ; لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ.
وانظري الفتوى رقم: 110905
وننصحك أن تتفاهمي مع زوجك وتعاشريه بالمعروف، واعلمي أن حصول المودة والتفاهم بين الزوجين يحتاج إلى الصبر، وإلى التجاوزعن بعض الأخطاء و التغاضي عن الزلات والهفوات، والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر.
والله أعلم.