عنوان الفتوى : حكم طواف من لم يتيقن من خروج ناقض للوضوء منه
سأطرح سؤالي بنوع من التفصيل: امرأة ذهبت للحج هذا العام وهي مبتلاة بالإفرازات، ولديها نوع من الوسوسة بنزول المذي لأتفه الأسباب، فكان الأمر يؤرقها بخصوص الطواف وصحته، وهذه حالها بالنسبة للإفرازات، فهي تطبق أحكام من لديه الحدث الدائم-وحتى لو لم تحس بنزولها-من الوضوء لكل صلاة وبعد دخول الوقت، إلا أن مسألة الشك في نزول المذي تؤرقها، وقرأت في هذا الموضوع كثيرا أي بخصوص الطواف والوضوء له إلى أن وقعت على القول الذي يقول بعدم اشتراط الطهارة للطواف، فكان ذلك كالبلسم لها، مع العلم بأنها لم ولن تدخل الطواف إلا وهي على طهارة، ولكن ماذا لو أحدثت في الطواف، فهنا مربط الفرس. ذهبت للعمرة مع زوجها، ورفقة؛ وخرجت من الفندق على وضوء، إلا أنها أرادت أن تجدد الوضوء، فأخبرت زوجها، وكان في نفسه حرج أنك توضأت، فانظري إلى رأي رفيقتك، فكان الحال واحدا، فذهبت هي ورفيقتها للوضوء، ودخلت الحرم وشرعت في الطواف، وكان الزحام كثيرا في الصحن في البداية، الرجل في المرأة والعكس، وهي يعلم الله كيف كانت تجاهد نفسها ألا يمسها رجل، وألا تؤذي أحدا. ففي أحد الأشواط وقعت عينها دون قصد أو اختيار على رجل، فلربما أحست بنفسها بشيء ولم تتيقن يقينا تحلف عليه أنه نزل منها شيء بالرغم أنها تحس برطوبة الفرج والله أعلم، ونظرت مرة أخرى فوقعت عينها أيضا دون قصد على نفس الرجل، أكملت طوافها وصلت الركعتين وأنهت العمرة. أهلت بالحج، ولأن العذر متوقع أن يأتيها بعد أيام الحج، فكان همها أن توديه بسرعة من يوم العيد، فذهبت هي وزجها للحرم متوضئة ولكنها لم تطف لأنها كانت مرهقة، وفي اليوم التالي ذهبت وكانت متوضئة، لكنها جددت وضوئها قبل الدخول للحرم، وكان هناك ازدحام شديد في الصحن، فذهبوا إلى الدور الأول، فإذا به ازدحام: الرجل في المرأة، فرفض زوجها أن تطوف والحال هكذا، فخرجوا من الطواف بعد أن شرعوا فيه، وحدث نقاش بيهم ماذا لو جاء الحيض، ولكن الزوج يرفض أن يطوفوا في الزحام، فبالكاد وصلوا للسطح فشرعوا في الطواف إلا أن الازدحام كان شديدا عند بداية الطواف. المهم سمعت في أحد الأشواط وكأن أحدهم يصدر صوتا كالتقبيل -عفوا- مع حرصها على ألا ينتقض وضوؤها وخوفها من ذلك، وكأنها أحست بشيء في نفسها ولم تتيقن يقينا أيضا تحلف عليه أنه خرج منها شيء اللهم والله أعلم إلا إذا كانت تحس بالرطوبة، فاستمرت في الطواف، ولأنهم تأخروا في الوصول للسطح أدركتهم صلاة الظهر فصلى زوجها وهي لم تصل، لأن الوقت خرج ومنعها زوجها أن تطوف لوحدها، وأكملت الطواف مع زوجها بالرغم من خروج الوقت. وهي الآن في حيرة: هل طوافها في المرتين صحيح بالرغم من أنها لم تتعمد شيئا مما حصل، ويعلم الله كم كانت تخاف الله، وأخذت بالأسباب، وأنها لم تتقين من خروج شيء، وندمت وبكت كثيرا في طوافها لأجل ذلك، مع العلم أنها حجت من مال زوجها ولا تملك هي مالا لتخرج شاة، وذهابها للحج مرة أخرى ليس بالأمر السهل، خصوصا هي الآن في بلد أوروبي. فهل أخذها بالرأي القائل بعدم اشتراط الطهارة في مثل هذه الحالة جائز لأنها ترى -والله أعلم- أن دليله قوي؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن الواضح أن طواف المرأة في جميع المرات طواف صحيح؛ وقع بطهارة صحيحة، ما دام أنها قد توضأت قبله ولم توقن بأنه قد خرج منها شيء, ولا عبرة بشكها لا سيما وأنها مبتلاة بالوسوسة على ما ذكرت, وعلاجها أن تكف عن تلك الوسوسة وعن التفكير فيها وتسأل ربها القبول, وانظري الفتوى رقم: 141155 عن رجل يعاني من مثل ما تعاني منه تلك المرأة ويسأل هل يمكنه الأخذ بقول الأحناف، واختيار شيخ الإسلام من أنه لا تشترط الطهارة لصحة الوضوء؟ والفتوى رقم: 181723عن طواف من لم يتيقن أن وضوءه قد انتقض.
والله أعلم