عنوان الفتوى : جواز قتال المحارب ولو كان مسلما
هناك من أبناء المسلمين من يقاتل مع نظام يقتل الشعب وهو جاهل بدينه فضلا عن دين هذا النظام، وهناك من هو عالم بدينه وجاهل بدين النظام، وهناك من هو عالم بدينه وعالم بدين النظام وهم مكرهون. هل قتلهم حرام أم جائز؟ مع الدليل من القرآن والسنة لكل حالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جاء من هؤلاء صائلا معتديا يجوز دفعه بقتله إن لم يندفع إلا بذلك سواء كان مسلما أو لا، عالما أو جاهلا.
فقد روى مسلم وغيره أن رجلاً قال: يا رسول الله؛ أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك" قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله" قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد" قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار. وجاء في شرح صحيح مسلم للإمام النووي: باب دليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد مهدر الدم، وإن قتل كان في النار، وأن من قتل دون ماله فهو شهيد؛ فيه: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار. اهـ.
وقال القرطبي في المفهم: دليل على أن المحارب لا يجوز أن يعطى شيئا له بال من المال إذا طلبه على وجه الحرابة ما أمكن، لا قليلا ولا كثيرا، وأن المحارب يجب قتاله، ولذلك قال مالك: قتال المحاربين جهاد ـ وقال ابن المنذر: عوام العلماء على قتال المحارب على كل وجه، ومدافعته عن المال والأهل والنفس. اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: السنة والإجماع متفقان على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل، وإن كان المال الذي يأخذه قيراطاً من دينار؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد. اهـ
وقال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى في المختصر: وجاز دفع صائل بعد الإنذار للفاهم وإن عن مال، وقصد قتله إن علم أنه لا يندفع إلا به. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصائل المعتدي يستحق دفعه سواء كان مسلماً أو كافراً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد... انتهى..
وقال الشربيني في مغني المحتاج :( له ) أي المصول عليه ( دفع كل صائل ) مسلما كان أو كافرا , عاقلا أو مجنونا, بالغا أو صغيرا, قريبا أو أجنبيا, آدميا أو غيره ( على ) معصوم من ( نفس أو طرف ) أو منفعة ( أو بضع أو مال ) لخبر { من قتل دون دمه فهو شهيد, ومن قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد } رواه أبو داود والترمذي وصححه. وجه الدلالة أنه لما جعله شهيدا دل على أنه له القتل والقتال : كما أن من قتله أهل الحرب لما كان شهيدا كان له القتل والقتال .اهـ وراجع الفتوى رقم : 177135.
والله أعلم.