عنوان الفتوى : ادعاء أن الولاية أفضل من النبوة من أعظم الضلال
أنا شاب في 18 من عمري, وأصاحب الصوفية كثيرًا, وهم يقولون أقوالًا مثل: خضنا بحرًا وقف الأنبياء بساحله, ويردد بعضهم: الدنيا مسرحية, ونحن الممثلون, والله هو المخرج, وسألت أحد شيوخهم: لماذا الله لا ينصر الأمة؟ فقال: إن الله يريد أن يضع في الدنيا حبكة درامية, فما رأيكم بصحبتي؟ وهل أستمر معهم؟ وهل هذا كفر بالله تعالى؟بارك الله فيكم, ونفع الله بعلمكم, ولكم كل الشكر والامتنان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تنأى بنفسك عن هؤلاء الضلال، وأن تفر منهم بدينك فرارك من الأسد, فإنهم والحال ما ذكر من أكثر الناس انحرافًا عن دين الرسل عليهم السلام، وقولهم: إنهم خاضوا بحرًا وقف الأنبياء بساحله مقتضاه أنهم يفضلون أنفسهم على أنبياء الله ورسله, ويجعلونها أولى بالمعارف وحقائق الإيمان من صفوة الله من خلقه وهم أنبياؤه ورسله، وهذا من أبين الضلال وأعظم البهتان، بل لا يهتدي أحد إلى خير ولا ينكف عن شر إلا عن طريق الرسل عليهم السلام, ولا يصل أحد إلى هدى, ولا يبتعد عن ضلالة إلا أن يكون آخذًا عن الرسل عليهم السلام مقتفيًا لأثرهم مقتبسًا من مشكاتهم، وسيدهم وأفضلهم هو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يفضل أحدًا من خلق الله على أنبياء الله ورسله فهو ضال هالك.
يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: وهؤلاء الملاحدة يدعون أن الولاية أفضل من النبوة، ويلبسون على الناس، فيقولون: ولايته أفضل من نبوته، وينشدون: مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولي, ويقولون: نحن شاركناه في ولايته التي هي أعظم من رسالته، وهذا من أعظم ضلالهم، فإن ولاية محمد لم يماثله فيها أحد، لا إبراهيم ولا موسى، فضلًا عن أن يماثله فيها هؤلاء الملحدون, وكل رسول نبي ولي، فالرسول نبي ولي، ورسالته متضمنة لنبوته، ونبوته متضمنة لولايته". وقال أيضًا: وهذا قلب للحقيقة التي اتفق عليها المسلمون, وهو أن الرسول أفضل من النبي الذي ليس برسول, والنبي أفضل من الولي الذي ليس بنبي, والرسالة تنتظم النبوة والولاية, كما أن النبوة تنتظم الولاية, وأن أفضل الأولياء أكملهم تلقيًا عن الأنبياء. انتهى.
فإذا علمت ما يتقلده هؤلاء القوم من عقيدة فاسدة فالواجب عليك أن تبتعد عنهم ما أمكن، ثم إن حصلت من العلم النافع ما يمكنك من مناصحتهم ودعوتهم إلى مراجعة الحق والصواب فافعل، وما ذكرته عنهم سوى هذه العبارة التي علقنا عليها هو من سوء الأدب في الحديث عن الرب تعالى, وهو كلام دال على رقة دين قائله, واستخفاف بجناب الألوهية عياذًا بالله، وكل هذا مما يحملك على البدار بمفارقتهم, والبحث عن رفقة صالحة معظمين للسنة آخذين بها, فإن في صحبة أمثال هؤلاء الخير لك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.