عنوان الفتوى : صلة الرحم بمجرد السلام يكفي في حال دون حال
ماهو أقل شيء يفعله الإنسان مع أرحامه ذوي الخلق السيئ حتى لا يعتبر عند الله قاطعا للرحم ويخرج من دائرة الوعيد؟ وهل مكالمتهم في الأعياد فقط والسلام عليهم عند الالتقاء بهم صدفة تكفي؟ قرأت أن ترك الهجر هو أدنى الصلة، فما معنى ترك الهجر؟ اعطوني أمثلة على ذلك، وفقكم الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم درجات تتفاوت، وأقل ما تتحقق به على الراجح وينتفي به الهجران الشرعي، هو مجرد السلام، وهو أدنى المراتب، قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام....
قال العيني: واختلفوا هل يخرج بالسلام وحده من الهجران؟ فقالت البغاددة: نعم، وكذا قول جمهور العلماء إن الهجرة تزول بمجرد السلام ورده، وبه قال مالك.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده.
ولكنه لا بد أن لا يكون في ترك المكالمة ـ غير السلام ـ أذى، فإن كان ترك الكلام يتأذى به رحمك لم تنقطع الهجرة بمجرد السلام، ولم تحصل صلة الرحم، فمن تمام كلام الحافظ ابن حجر السابق، قوله نقلا عن الإمام أحمد أنه قال: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام...
ثم قال الحافظ : وكذا قال ابن القاسم، يعني تلميذ الإمام مالك.
وبهذا يتبين لك الحكم فيما سألت عنه، وأن الأرحام إن كانوا لا يتأذون بترك تكليمهم، فإن مكالمتهم في الأعياد فقط والسلام عليهم عند الالتقاء بهم صدفة تكفي في صلتهم، وأن ذلك لا يكفي إن كانوا يتأذون به.
وأما ما ذكرت أنك قرأت من أن ترك الهجر هو أدنى الصلة، فهو صحيح، وهو ما ذكرناه آنفا من أن من ألقى السلام لا يعتبر مهاجرا قاطعا لرحمه، وكلام القاضي عياض صريح في ذلك، ثم إننا نذكر السائل أن الصبر على الرحم المسيء، وتحمل الأذى منه مما تعظم به عند الله المثوبات وترفع به الدرجات، وراجع الفتويين رقم: 24833، ورقم: 31904.
والله أعلم.