عنوان الفتوى : التصدق بأموال مشتبهة وحكم قبولها
هل يجوز التصدق بأموال مشتبه بأن مصدرها حرام؟وهل على من أخذ أموال الصدقة حرج أو إثم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نحتاج إلى أمرين:
الأول: بيان معنى المشتبه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأمور إلى ثلاثة:
الأول: حلال محض.
الثاني: حرام محض.
والثالث: المشتبه. وهو ما اختلف العلماء في حله وتحريمه من الأعيان كأكل لحوم الخيل وأكل الضب، ولبس ما اختلف في جواز لبسه كلبس جلود السباع، أو ما اختلف العلماء في حله وتحريمه من المكاسب مثل عقود البيع التي وقع النزاع بين العلماء في جوازها وعدم جوازها كالتورق. هذا أحد التفسيرين للمشتبه.
والتفسير الثاني له هو: اختلاط الحلال بالحرام، هكذا فسره الإمام أحمد -رحمه الله- كما حكاه ابن رجب أي فهل يجوز لنا الأخذ ممن اختلط ماله الحلال بالحرام أم لا؟ هذا موضع شبهة.
الثاني: موقف المسلم أمام المشتبهات، والناس أمام المشتبهات قسمان:
الأول: من زال عنه الاشتباه وتبين له الأمر: الحل أو الحرمة، فهذا يجب عليه العمل بما تبين له.
الثاني: من لا يزال الاشتباه قائماً عنده، فلا ينبغي له الإقدام على المشتبه وقد حذره النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وأنه سيجره ذلك إلى أحد أمرين أو كليهما:
الأول: الاعتياد على ارتكاب المنهي، فارتكابه للمشتبه يجره لارتكاب الحرام الواضح.
الثاني: أنه بارتكابه للمشتبه لا يأمن أن يكون قد وافق الحرام فليحذر.. وقد جرى عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده والصالحون من بعدهم على التوقي من المشتبهات قدر الإمكان، والأخبار في ذلك كثيرة.
وبعد هذا نقول:
إذا تبين معنى الشبهة فمن اكتسب مالاً فيه شبهة فله أن يتصدق به بل هو الأولى.
وأما من اكتسب مالاً من حرام فإن الواجب عليه أن يتخلص منه.
وليس ذلك صدقة من الصدقات فإن الصدقة لا تكون إلا من حلال، وأما أخذ الصدقة لمن كان محتاجاً إليها فلا بأس فيه ولا حرج إن شاء الله.
والله أعلم.