عنوان الفتوى : لم يعطها حقها في السكن والمهر والنفقة فهل له حق منعها من الخروج إلا بإذنه ؟
أنا فتاة تزوجت لكن لظروف عملي لم أسكن مع زوجي ، ولم يوفر لي المسكن ، ولم يصرف عليَّ ، لكن هو يطالبني أن أستأذن منه بكل خروج من المنزل ، مع العلم أني أعيش بمنزل أبي وهو لا يأتي لزيارتي إلا كل شهرين مرة واحدة ، ويريدني أن لو أخرج مع أبي أو إخواني أن أبلغه قبل خروجي ، ولو أن الخروج يكون بسيطاً مثل الخروج للمكتبة أو التسوق ، وهو لم يقم بأي حق من حقوقي ، بحيث إنه لم يوفر لي منزلاً ولم يصرف عليَّ ، ولم يكمل لي باقي مهري ، وأنا لم أسمح له بأن ينقص من مهري ، ومع هذا يطالب بحقوقه في الاستئذان ، مع العلم أن كل حقوقه الزوجية موفرة له ، إلا أنه هو لم يقم بأي حق من حقوقي . فما الحكم - جزاكم الله خيراً - وماذا أفعل معه مع العلم أنه يطالبني بترك وظيفتي وأن أذهب له ، وهو قبل الزواج كان يعلم أني موظفة ، وكتبت في العقد أن أستمر على وظيفتي إلى أن يتم نقلي ، ولكنه رافض بعد الزواج 7 أشهر وهددني بأني معلقة، فما رأي فضيلتكم بهذا الشخص ؟.
الحمد لله
أولاً:
إن الزوج الذي له حق استئذان زوجته منه للخروج هو الذي ثبت له حق الحبس ، وهذا الحق
لا يثبت إلا بتسليم المهر المعجَّل وبتوفير سكن الزوجية وبالنفقة على زوجته ،
وبالتأمل في حال الأخت السائلة وما ذكرته عن زوجها يتبين أنه لا يثبت له عليها حق
الحبس ، فلها الامتناع عن تسليم نفسها إليه حتى يؤدي الحقوق الواجبة عليه .
قال ابن المنذر – رحمه الله - : " وأجمعوا أن للمرأة أن تمنع من دخول الزوج عليها
حتى يعطيها مهرها " انتهى من " الإجماع " ( ص 77 ) .
وانظري جوابي السؤالين (
106150 ) و (
69937 ) .
وحيث يثبت للزوجة حق
الامتناع من تسليم نفسها لزوجها ، فإنه لا يثبت له حق استئذان لا في خروج ولا في
سفر .
قال ابن قدامة – رحمه الله - : " وكل موضعٍ قلنا لها الامتناع من تسليم نفسها :
فلها السفر بغير إذن الزوج ؛ لأنه لم يثبت للزوج عليها حق الحبس ، فصارت كمن لا زوج
لها ، ولو بقي منه – يعني : من مهرها - درهم كان كبقاء جميعه ؛ لأن كل من ثبت له
الحبس بجميع البدل ثبت له الحبس ببعضه كسائر الديون " انتهى من " المغني " ( 7/261
) . وينظر " بدائع الصنائع " ( 4 / 19 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله أيضا : " إذَا رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَ ذَلِكَ، لَمْ
يَلْزَمْهَا التَّمْكِينُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهَا
عِوَضَهُ، فَلَمْ يَلْزَمْهَا تَسْلِيمُهُ، كَمَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُشْتَرِي
بِثَمَنِ الْمَبِيعِ، لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ تَخْلِيَةُ
سَبِيلِهَا، لِتَكْتَسِبَ لَهَا، وَتُحَصِّلَ مَا تُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهَا؛
لِأَنَّ فِي حَبْسِهَا بِغَيْرِ نَفَقَةٍ إضْرَارًا بِهَا.
وَلَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ
حَبْسهَا إذَا كَفَاهَا الْمُؤْنَةَ، وَأَغْنَاهَا عَمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ،
وَلِحَاجَتِهِ إلَى الِاسْتِمْتَاعِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا، فَإِذَا انْتَفَى
الْأَمْرَانِ، لَمْ يَمْلِكْ حَبْسِهَا " انتهى من "المغني" (8/207) . وينظر :
"كشاف القناع" (5/477) .
وينظر جواب السؤال رقم (119496)
.
ثانياً:
للزوج الحق في منع امرأته من العمل خارج المنزل ، إلا أن تكون قد اشترطت عليه أن
تعمل بعد الزواج ، أو أن تستمر في عملها ، فيجب عليه الوفاء بالشرط ، قال تعالى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/ 1 .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : " فله – يعني : زوجها - منعها من
أن تدرِّس ، إلا إذا شرطت عليه في العقد أن تبقى مدرِّسة أو تتوظف مدرِّسة في
المستقبل وقَبِلَ بهذا الشرط ، فإنه يلزمه لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : (
إنَّ أَحَقَّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا
اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) – متفق عليه - " انتهى من " الشرح الممتع على
زاد المستقنع " ( 12 / 425 ، 426 ) .
وانظري جواب السؤال رقم (
126316 ) .
والله أعلم