الوقف ... منطلقات تعليمية - عيسى صوفان القدومي
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
يمتاز الوقف الإسلامي بأنه زاخر بحقائق مدادها نظام رباني، وتطبيق نبوي، وسنة متبعة في العهود الإسلامية؛ كثر خيرها وتوافرت دررها منذ القرن الأول، وإلى يومنا الحاضر.وقد شُرع الوقف لتحقيق غايات ومقاصد من شأنها حفظ ضرورات الحياة بما يُصلح الدين والدنيا، وبما يوفر الحياة الكريمة ومتطلباتها وضروراتها، وأخرج بمؤسساته ومشاريعه وتطبيقاته على مر العهود الإسلامية نماذج وروائع يقف أمامها القارئ وقفة تقدير وإعجاب.
حقائق الوقف الإسلامي حقائق مضيئة وإشراقات منيرة؛ ننتقيها لنحيي بها سنة الوقف التي سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم، وندفع بها الهمم والنفوس للبذل والعطاء، لاستئناف مسيرة الوقف الإسلامي من جديد؛ جمعناها وغايتنا نشر ثقافة الوقف، وإحياء سنتة، وترغيب المسلمين للمساهمة في كل مجالاته ومساراته.
حقائق؛ شهد بها أهل العلم والاختصاص، ووثقها الرحالة والمؤرخون من المسلمين وغيرهم، لتحفظ لنا الذاكرة والتاريخ، لتبقى مفعمة بالخير والعطاء، وتثير الفخر في النفوس لاستمرار المشاريع الوقفية.
في هذه الحلقات نظمنا بعضاّ منها في عقد درّته " الوقف الإسلامي ودوره الحضاري"، لحفظ كنوز الوقف وروائعه وإشراقاته وإبداعاته، ليبقى الوقف الإسلامي بتشريعاته وأحكامه وخصائصه ومخرجاته لبنة أساس في نهضة المجتمعات والأمم.
وهذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف ومنطلقاته التعليمية:
1.
الوقف الإسلامي؛ أمد - بمداخيله المستمرة العطاء – المدارس، والتعليم، ومجالس العلم، وكبار العلماء ، ووفر الوقف كذلك أجور المدرسين المناسبة لمعيشتهم وكفتهم أموال الوقف عن التفكير في أمر تدبير المعيشة لهم ولأسرهم؛ فزاد العلم وانتشر العلماء، وشاعت الكتب، وكثر طلاب العلم، وخصصت لهم المنح والكفالة ليتفرغوا للعلم.
2.
الوقف الإسلامي - عبر مجالاته المختلفة - أدى إلى تعزيز الانتماء المجتمعي بين أفراد المجتمع، وحقق الاستقرار في المجتمع من خلال المساواة بين أفراده، بعد أن مكن الفقير من الحصول على التعليم، والعلاج، والمتطلبات الأساسية في الحياة.
3.
الوقف الإسلامي؛ رعت أصوله عمليه التعليم، وأسهمت في إصلاحها واستمرارها من مرحلة الطفولة إلى المراحل الدراسية العليا المتخصصة، وكان أغلب فقهاء المسلمين وعلماء الدين ترعرعوا ونشأوا على ما وضعته أموال الوقف تحت تصرّفهم.
4.
الوقف الإسلامي؛ له الدور الأكبر في الإنفاق على المدارس، ومرافقها الأساسية من سكن الطلبة وأساتذتهم، وتخصص منح للطلبة المنتسبين لتلك المدارس وهي كالأحياء الجامعية بكل متطلباتها.
5.
الوقف الإسلامي؛ كان المصدر المالي الوحيد لغالبية ما أنشئ من مؤسسات تعليمية، بدءاً من المرحلة الأولى، وهي الكتاتيب، التي كانت تلحق بالمدرسة أو السبيل ، لتعليم الطلاب في بداية حياتهم، وتأصيلهم تأصيلاً علمياً من حفظ كتاب الله تعالى، وتعلم الكتابة والصرف، والعقيدة، وبعضاً من الأحكام والفقه.
6.
الوقف الإسلامي؛ يبقى مصدراً لتمويل التعليم في الوقت الحاضر، بعد أن أضحى حال الأمية في مشرقنا الإسلامي يقارب الـ 40%، فعجز جُلّ الحكومات عن توفير متطلبات المؤسسات التعليمية، الأمر الذي جعل الوقف في مقدمة الحلول لمواجهة ذلك الواقع المرير للتعليم.
7.
الوقف الإسلامي فتح المجال للتعليم لأبناء المجتمع بكل أطيافه ومستوياته، حيث أسهم في تعليم ابن الفقير وابن الوزير، بل اهتم بابن الفقير إن كان ذكياً بارعاً في حفظه وتحصيله، حتى غدا بعضاً منهم علماء للأمة جمعاء.
8. الوقف الإسلامي مفخرة للعلم وطلابه، حيث أُنشئت من أمواله بيوتٌ لسكنى الطلبة امتازت بالجودة والرقي، وساعدت طلبة العلم على الانقطاع للعلم والتفرغ للتحصيل، مع راحة البال في أمر المعيشة.
9.
الوقف الإسلامي وفر التعليم المجاني للفقراء ، وحفظ العلم، وحفظ كرامة العلماء وطلابهم، ومن إيرادات الوقف دفعت مرتبات المدرسين، ومكافآت الطلاب، فضلاً عن المسكن والطعام والملبس والمعالجة الطبية، وتوفير الكتب والأقلام والأوراق.
10.
الوقف الإسلامي؛ أساس المدرسة والتعليم في العصور الإسلامية، ومن خلال التعليم، ورعايته من أموال الوقف حفظت عقيدة المسلمين، ودحضت شبهات، وأكاذيب الفرق الباطنية التي أرادت زعزعة ثوابت الدين، فأضحت المدارس بعلمائها، ومناهجها لازماً من لوازم حفظ العقائد ونشر الثقافة الإسلامية.